بالمنع فيه ولم يستثن شيئًا، فعلم منه هنالك أن صور التأجيل هنا ممنوعة بالكلية ويؤخذ مما هنا التفصيل فيما يأتي في صور النقد. قاله بناني. والله سبحانه أعلم.
ومنع بذهب وفضة؛ يعني أنه يمنع بيع سلعة بذهب لأجل ثم يشتريها منه بفضة وكذا العكس، فلا يبيعها بفضة ثم يشتريها منه بذهب، فالصور الاثنا عشر في تقديم الذهب ومثلها في تقديم الفضة، وإنما منع ذلك للصرف المؤخر أي الاتهام عليه لأن البيعة الأولى لابد من تأجيلها، فالثانية إن عجلت كلها لزم صرف يتأخر قبضه، وكذا إن أجلت كلها أو بعضها ولو للأجل، ولا يخفى أن الممنوع إنما هو البيع الثاني. إلَّا أن يعجل أكثر من قيمة المتأخر جدا؛ يعني أن محل المنع في بيع السلعة بذهب وشرائها بفضة، وعكس ذلك إنما هو حيث لم يعجل أكثر من قيمة المتأخر جدا، وأما إن كان المعجل أكثر من قيمة المتأخر جدا فإنه يجوز لانتفاء الصرف المؤخر قال عبد الباقي عند قوله: إلَّا أن يعجل أكثر من قيمة المتأخر جدا ما نصه: بأن يكون العجل يزيد على المؤخر بقدر نصف المؤخر، فيجوز لانتفاء تهمة الصرف المؤخر، كبيع ثوب بدينارين لشهر ثم اشتراه بستين درهما نقدا وصرف الدينار عشرون، والمراد بالقيمة ما جعله الإمام قيمة في الدنانير والدراهم، وأما في غيرهما فتعتبر القيمة الجارية بين الناس. قال عبد الباقي: قال أحمد: انظر هل تعجيله أقلّ من قيمة المتأخر جدا كتعجيله أكثر لانتفاء دفع قليل في كثير أو لا؟ وهو الذي ينبغي. انتهى. قال بناني: هذا قصور إذ المنع في هذا مصرح به في المدونة، ونصها: وإن بعته بثلاثين درهما إلى شهر يعني الثوب فلا تبيعه بدينار نقدا فيصير صرفا مؤخرا، ولو ابتعته بعشرين دينارا جاز لبعدكما من التهمة، وإن بعته بعشرين إلى شهر جاز أن تبتاعه بثلاثة دنانير نقدا لبيان فضلها ولا يعجبني بدينارين، وإن ساوياها في الصرف. انتهى. ففي الصورة الأولى عجل دينارا ويأخذ ثلاثين درهما، والدينار أقلّ منها جدا لأنه قدر ثلثها وقد منعه. انتهى. وقال الحطاب: قال في المدونة: وإن بعته بثلاثين درهما إلى شهر جاز أن تبتاعه بثلاثة دنانير نقدا لبيان فضلها ولا يعجبني بدينارين، وإن ساوياها في الصرف. انتهى. ومنع أشهب ذلك مطلقًا مبالغة في الاحتياط للصرف، وقيل: يجوز إذا ساوى المعجل قيمة المؤخر. قال أبو الحسن