(وَكَوْنُهُ دَيْنًا) هذا هو الشرط السادس من شروط السلم؛ يعني أنه يشترط في المسلم فيه أن يكون دينا في الذمة أي يشترط أن يكون المسلم فيه لا يشار إليه بعينه، بل يكون موصوفا في ذمة المسلم إليه؛ لأنه إذا كان معينا في غير ملك البائع فالغرر ظاهر، وإن كان في ملكه فبقاؤه على تلك الصفة غير معلوم، ولأنه يلزم منه الضمان بجعل لأن المسلم يزيد في الثمن ليضمن له المسلم إليه، ولأنه إن لم ينقد الثمن اختل شرط السلم وإن نقده كان دائرا بين الثمن إن لم يهلك والسلف إن هلك، فَإِنْ قِيلَ: من البياعات ما يجوز بيعه على أن يقبضه بعد شهر فلم لا أجيز هنا كذلك؟ قِيلَ: هذا إنما هو في المبيع وكلامنا في المسلم، فَإِنْ قِيلَ قد أجاز ابن القاسم كراء الدابة المعينة تقبض بعد شهرين ويلزم عليه جواز السلم في معين إلى أجل، قِيلَ الفرق أن الدابة المعينة ضمانها من المبتاع بالعقد، فإن اشترط تأخيرها كان ضمانها من البائع فيلزم ضمان بجعل، بخلاف منافع العين فإن ضمانها من ربها فلم يشترط إلا ما وجب عليه. انتهى. نقله بناني عن التوضيح. لكن قول التوضيح في الجواب الأول هذا إنما هو في البيع لخ يقال عليه إن المنع في السلم إنما هو لكونه يئول إلى بيع معين يتأخر قبضه، ففي التفريق بينهما نظر. ويُجَابُ واللَّه أعلم بأن مراده أن الضمان في البيع من المشتري فليس فيه ضمان بجعل، بخلاف السلم.
وَحَاصِلُ ما يفيده كلام التوضيح والناصر اللقاني في الفرق بين السلم وبين الصورتين أن محل المنع حيث يكون ضمان المبيع من المشتري أصالة وينقل إلى البائع، وهذا مفقود في الصورتين لكون الضمان في صورة (البيع)(١) باقيا من المشتري لم ينتقل، وفي صورة الكراء الضمان من البائع أي المكري أصالة فلم يشترط إلا ما وجب عليه. واللَّه أعلم. قاله بناني.
قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه عنه: إياك أيها الناظر لهذا المحل أن تأخذ منه أنه يجوز بيع معين يتأخر قبضه حيث اشترط الضمان على مشتريه فإنه سيأتي قول المص: "وبيعها واستثناء ركوبها" الثلاث لا جععة وكره المتوسط فإن الضمان من المشتري في المدة الجائزة والمكروهة، ومن