تراضيا على المحاسبة فإن ذلك جائز، ومعنى المحاسبة أن المسلم يرجع بمناب ما لم يقبض من الثمن ويترك مناب ما قبض من الثمن مثلا للمسلم إليه. واللَّه سبحانه أعلم.
قال عبد الباقي: وإن قبض البعض مما أسلم فيه من ثمر قرية صغير مأمونة أو كبيرة ولا تكون إلا مأمونة وانقطع بجائحة أو بعدم طلب المسلِم المسلَم إليه أو بهروب المسلَم إليه حتى خرج إبان المسلم فيه وجب التأخير بالباقي؛ لأن السلم تعلق بذمة المسلم إليه فلا يبطل ببطلان الأجل كالدين إلا أن يرضيا معا بالمحاسبة وتكون على المكيلة لا على القيمة، ويمنع أخذه ببقية رأس ماله عرضا أو غيره؛ لأنه بيع الطعام قبل قبضه. قاله في التوضيح. ومحل رضاهما بالمحاسبة حيث كان انقطاعه من اللَّه أو بهروب أحدهما حتى فات الإبان، فإن كان بسكوت المشتري عن طلب البائع لم يجز تراضيهما على المحاسبة. انتهى. وقوله:"إلا أن يرضيا بالمحاسبة" هو مذهب المدونة فيما له إبان، وَقِيلَ لا يجوز تراضيهما بالمحاسبة وقِيلَ يفسخ لفوت الأجل، وله أن يأخذ على هذا القول عوض بقية الثمن ناجزا: وقِيلَ تجب المحاسبة ما لم يتراضيا على التأخير عكس ما قال المص وهو لأصبغ وضعف، وقِيلَ إن قبض الأكثر جاز التأخير والمحاسبة، وإن قبض أقل المسلم فيه وجبت المحاسبة.
ولو كان رأس المال مقوما يعني أنه إذا فرعنا على القول الذي مشى عليه المص من جواز تراضيهما على المحاسبة، فإنه لا فرق في ذلك بين أن يكون رأس الماء مثليا وأن يكون مقوما كثياب أو حيوان، فإذا تحاسبا على أن يرد المسلم إليه للمسلم شيئا من ذلك بعينه قيمته قدر ما لم يقبض ويتمسك المسلم إليه بما قيمته من ذلك قدر ما قبض، فإن ذلك جائز. انظر الخرشي. وقال عبد الباقي: ولو كان رأس المال مقوما كثياب وحيوان لجواز الإقالة على غير رأس الماء. وأشار بلو لقول سحنون: لا يجوز إلا إذا كان مثليا ليأمنا من خطإ التقويم. انظر التتائي. ثم تعتبر قيمته لقوله فيما تقدم:"ورجع بالقيمة إن كان الثمن سلعة". قاله أحمد. انتهى.
قوله: لجواز الإقالة على غير رأس الماء يعني أن سحنونا منع الإقالة في المقوم لاحتمال قلة الثوب مثلا عما لم يقبض أو كثرته فتكون المحاسبة إقالة على غير رأس المال، وابن القاسم أجاز هذه الإقالة التي فيها احتمال أنها مخالفة لما لم يقبض ولا يقال إن هذا الشارح يجيز الإقالة على