يجازي عليها، وأقرض القوم إذا هلكوا لانقطاع أثرهم. وقوله تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} القرض فيه اسم لا مصدر، ولو كان مصدرا لقال: إقراضا، قال أهل المعاني: هذا يطلق من اللَّه تعالى في الاستدعاء إلى أعمال البر، ولذلك أضاف الإقراض له كأنه قيل من ذا الذي يعمل عملا ليأخذ أضعاف ما تقدم في وقت فقره وحاجته؟ أي من ذا الذي يقدم لنفسه إلى اللَّه ما يجد ثوابه عنده؟.
والقرض الحسن أن يكون حلالا وأن يكون من أكرم وأجود ما يملكه لا من ردي، وأن يكون في حال صحته وعافيته ورجائه الحياة، وأن يضعه في الأحوج الأحق بالدفع إليه وأن يكتمه، وأن لا يتبعه منا ولا أذى، وأن يقصد به وجه خالقه فلا يراءي به، وأن لا يستكثر ما يتصدق به وأن يكون من أحب ماله إليه. والقرض مندوب مرغب فيه شرعا وقد يعرض له ما يصيره واجبا أو حراما أو مكروها، وفي افتقار القرض للفظ مصرح به قولان، وفي الصحيح أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم تسلف من رجل بكرا فقدمت عليه إبل فأمر أبا رافع أن يعطيه بكرا، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا رباعيا أو خيارا، فقال:(أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء)، فَإِنْ قيل إن كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم اقترض لنفسه فالزكاة محرمة عليه، وإن كان اقترض للمسلمين بطريق الإنابة فكيف يقضي عنهم بأكثر مما عليهم؟ فَالْجَوَابُ كما قال سند: المراد بالصدقة مال الجزية كانت تسمى صدقة من اللَّه على هذه الأمة وهي حلال له.
وقال صاحب الاستذكار: كان ذلك قبل تحريم الصدقة عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصلاة والسلام ودرهم القرض بثمانية عشر درهما ودرهم الصدقة بعشرة دراهم. كذا رآه النبي صلى اللَّه عليه وسلم ليلة الإسراء على باب الجنة، فقال:(يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة)(١)، فقال السائل يسأل وَعِندَهُ والمقترض لا يقترض إلا من حاجة، قال بعض العلماء: حكمة كون القرض ثمانية عشر أن درهم القرض بدرهمين من دراهم الصدقة كما ورد، ودرهم الصدقة بعشرة ودرهم القرض يرد للمقرض بدله وهو درهمان من جملة مبلغ أصله وهو عشرون يتأخر للمقرض ثمانية عشر، وفي هذا