الباقي: واعلم أن المعاملة والرهن إما صحيحان وحكمهما ظاهر اشترط الرهن أو تطوع به أو فاسدان أو المعاملة صحيحة والرهن فاسد أو عكسه، وفي كل من هذه الثلاث اشترط الرهن أو تطوع به، ففي الأولين من هذه الثلاثة لا يكون رهنا في شيء منهما إن تطوع به، فإن اشترط كان رهنا في الثمن والسلف حصل فوت أم لا في الثانية كالأولى إن حصل فوت فرهن فيما لزم من قيمة أو مثل، فإن لم يحصل فوت رد المبيع وأما الثالثة فيكون رهنا في عوض المبيع أو القرض مع الفوات كان مشترطا أم لا. انتهى.
قوله: أو المعاملة صحيحة والرهن فاسد هذا القسم إنما يتصور في التطوع بالرهن، وأما إن كان مشترطا والرهن فاسد فإن المعاملة تصير فاسدة كما تقدم في كلام ابن يونس. انتهى.
قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه تعالى عنه: كلام البناني هذا صريح في أن قوله: "وبطل بشرط مناف كأن لا يقبض" يفسد به عقد المبيع أو القرض إن وقع في صلب العقد. واللَّه تعالى أعلم. وكلام غير واحد يقتضي أن الباطل إنما هو الرهن فقط، ففي الحطاب من الشرط المنافي ما ذكره في أواخر كتاب الرهون من المدونة ونصه: ومن رهن رهنا على إن مضت سنة خرج من الرهن فلا أعرف هذا من رهون الناس ولا يكون هذا رهنا. ابن يونس: قال ابن المواز: فإن مات الراهن أو فلس دخل فيه الغرماء. انتهى. وليس منه مسألة غلق الرهن كما سيأتي عند قول المص: وباشتراطه في بيع فاسد ظن فيه اللزوم إنما هي من باب الرهن الفاسد، والمرتهن أحق به من الغرماء حتى يقبض حقه. واللَّه أعلم. انتهى.
وذلك أيضا هو مقتضى المص حيث قال:"وبطل بشرط مناف". وقال الرجراجي: إذا كانت المعاملة صحيحة والرهن فاسد مثل أن يقع البيع والسلف على وجه الصحة واللزوم إلى أجل، ثم يرهنه به رهنا على أنه إن مضت السنة خرج من الرهن، فهل يكون أحق بالرهن من الغرماء وهو ظاهر المدونة؟ والثاني أنه لا يكون أحق به من الغرماء وهو قول ابن حبيب والأول أصح؟ انتهى. نقله الحطاب. وهو يقتضي بحسب المفهوم أنه إذا وقع في العقد فسد العقد كما يقوله البناني، ومقتضى ما للبناني أن محل قوله: وبطل بشرط مناف محله في الرهن المتطوع به وإلا كان من أفراد قوله: "وباشتراطه في بيع فاسد" لخ. فتأمله. واللَّه تعالى أعلم.