الرهوني: تأملناه -يعني كلام ابن عرفة- فوجدنا كلام مصطفى لا تحامُلَ فيه ولا قصورَ، بل هو صحيح ظاهر غاية الظهور؛ لأن كلا من مسألتي ابن عرفة وقع فيها البيع بالفعل وتغايرهما إنما هو باعتبار ما ادعى المرتهن أنه قصده، ففي الأول ادعى أنه قصد إحياء الرهن أي أن يأتي له برهن آخر، وفي الثانية ادعى أنه قصد استعجال الثمن الذي يباع به الرهن وذلك بَيّنٌ من كلام ابن عرفة لمن تأمله وأنصف، ويوضح لك ذلك كلام ابن يونس الذي اختصره معبرا عنه بالصقلي، ونصه: ومن المدونة قال مالك: وإن باعه الراهن بإذن المرتهن إلى آخر نقله. واللَّه تعالى أعلم. وقوله:"وإلا حلف وبقي" لخ قال الشيخ كريم الدين: انظر إذا نكل المرتهن عن اليمين فهل يصير دينه بلا رهن؟ وهو الظاهر لأن القصد لا يعلم إلا من قبله فهي يمين تهمة. قاله الخرشي. وإذا حلف المرتهن ولم يأت الراهن برهن كالأول، وقلنا إنه يبقى الثمن رهنا، فقال الخرشي: للمرتهن أن يأخذ الثمن في دينه لأنه لا فائدة لهما في الإيقاف إذ لعله يتلف بل يقضى ولو أبى الراهن. تأمل. انتهى. واللَّه تعالى أعلم.
كفوته بجناية وأخذت قيمته تشبيه تام يعني أن الرهن إذا جنِيَ عليه وأخذت قيمته، فإن المأخوذ يوضع رهنا ويطبع عليه إلا أن يأتي الراهن برهن كالأول، والواو في قوله: وأخذت واو الحال احترازا عما إذا لم يؤخذ له شيء بأن عفي عنه -مثلا- فإن الدين يبقى بلا رهن، وظاهر كلام المؤلف سواء كانت الجناية عمدا أو خطئا. قال عبد الباقي مفسرا للمص: كفوته أي الرهن الحيوان مثلا بجناية عليه من أجنبي عمدا أو خطئا وأخذت قيمته في ذهابه كله بالجناية أو قيمة ما نقصته في ذهاب بعضه أو ما قدر فيه كالجراح الأربعة، فيكون المأخوذ رهنا إن لم يات برهن كالأول فالتشبيه تام مع قطع النظر عن الحلف؛ لأن هذه المسألة ليس فيها إذن من المرتهن فلا يمين عليه، والواو في قوله:"وأخذت" واو الحال واحترز به عما إذا لم تؤخذ قيمته بأن عفي عنه فيبقى الدين بلا رهن كما في ابن عرفة، قال أحمد: ومقتضاه أن للراهن العفو ولو كان معدما. انتهى. ويحتمل أن عفوه بعد الوقوع يمضي، وقولي: في الجناية من أجنبي تحرز عما إذا كانت الجناية من الراهن فينبغي أن يعجل الدين أو قيمته قياسا على ما يأتي للمص فيما