الرهن ومؤنته على الراهن لأنه مالك له وله غلته ومن له الغلة عليه النفقة كالبيع الفاسد فالنفقة على الرهن كالسلف، وهذا بخلاف النفقة على الضالة فإنه لا يرجع بها في ذمة ربها بل تكون نفقته في رقبتها وهو أولى بها عند قيام الغرماء، وظاهره ولو كان ما أنفق مؤنة تجهيز بعد الموت لقولها: كفن العبد الرهن إذا مات ودفنه على الراهن. انتهى. وظاهر هذا أنه ليس للراهن أن يمنع المرتهن من النفقة على الرهن وهو كذلك لهلاكه حينئذ وخرابه إن كان عقارا. انظر الخرشي.
وقال المواق: ابن يونس: القضاء أن نفقة الرهن ومؤنته على الراهن، قال مالك: وإذا أنفق المرتهن على الرهن بإذن ربه أو بغير إذنه رجع بما أنفق على الراهن، قال ابن القاسم: ولا يكون ما أنفق في الرهن إذا أنفق بأمر ربه لأن ذلك سلف وله حبسه بما أنفق وبما رهنه فيه، إلا أن يقوم الغرماء على الراهن فلا يكون المرتهن أحق منهم بما فضل عن دينه لأجل نفقته أذن له في ذلك أم لا. انتهى.
وعلم مما قررت أن العقار هنا كالحيوان؛ لأنه لما رهنه وهو عالم بافتقاره إلى الإصلاح كأنه أمره بالنفقة فيرجع بها في ذمته، وهذا هو الفرق بين ما هنا وبين قوله:"وإن أنفق مرتهن على كشجر" لخ كما يأتي بيان ذلك إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.
ولو لم يأذن أي يرجع المرتهن بما أنفق على الرهن في ذمة الراهن أذن الراهن للمرتهن في الإنفاق أو لم يأذن، ورد المص بالمبالغة قول أشهب، إن المرتهن إذا أنفق على الرهن بغير إذن الراهن تكون النفقة في عين الرهن يبدأ بها في ثمنه لا في ذمة الراهن، فالمبالغة راجعة لقوله في الذمة.
واعلم أن ما قررت به وقرر به غير واحد المص من شموله للعقار هُوَ الصواب، ففي المتيطى ما نصه: وعلى الراهن نفقة العبد وكسوته ومرمة الدار وإصلاحها وعمل الحائط ولا شيء على المرتهن. انظر الرهوني.
وليس رهنا به اسم ليس ضمير يعود على الرهن والضمير المجرور بالباء عائد على الإنفاق؛ يعني أن المرتهن تكون نفقته على الرهن في ذمة الراهن ولا يكون الرهن رهنا بها ولا يقال هذا مستغنى عنه بقوله:"في الذمة"؛ لأنه يقال كونه رهنا لا ينافي تعلقه بالذمة كسائر الديون، وإنما فائدة كونها في الذمة أنها إذا زادت على الرهن فإنه يتبعه بذلك في ذمته وهذا أعم من كونه رهنا بها