فيه أنه يكون أحق بما فضل من الرهن عن حقه حتى يستوفي نفقته، إلا أن يكون عليه غرماء فلا يكون أحق ببقية الرهن في نفقته منهم، وأشهب يرى أنه يكون أحق من الغرماء ببقية الرهن في نفقته بقوله: أنفق ونفقتك فيه. انتهى.
وعبر ابن عرفة بالواو مثل المص، فقال: وفيها لو قال أنفق والرهن بما أنفقت رهن فهو بها رهن، ولو قال: ونفقتك في الرهن ففي كون فائدته حبسه عن ربه في النفقة لا رهنا بها أو رهنه بها قولا ابن شبلون أخذا بظاهرها، والصقلي مع بعض القرويين مأولا عليه المدونة. انتهى. انتهى كلام البناني. واللَّه تعالى أعلم.
وتحصل مما مر أن الأقسام ثلاثة: مجرد الأمر فقط يرجع في الذمة اتفاقا صرح بالرهنية يكون رهنا بالنفقة اتفاقا ما يقرب من التصريح بالرهنية هو محل التأويلين، وعبارة المواق: ابن يونس: لا فرق بين أن يقول أنفق على أن نفقتك في الرهن، أو أنفق والرهن بما أنفقت رهن أيضا وهذا أبين، وكان ابن شبلون يفرق بين ذلك على ظاهر المدونة وليس بشيء. انتهى. فإن قلت: بم يظهر أن قوله أنفق على أن نفقتك في الرهن؟ أو أنفق ونفقتك في الرهن ليس من التصريح بالرهنية؟ فالجواب أنه لم يصرح في ذلك بالرهنية كما هو ظاهره؛ إذ لم يذكر لفظ رهنية الرهن بالإنفاق. واللَّه تعالى أعلم.
ففي افتقار الرهن للفظ مصرح به تأويلان أتى بالفاء ليشعر بأن هذين التأويلين مفرعان على التأويلين المتقدمين، يعني أنه يأتي على تأويل ابن شبلون وابن رشد أن عقد الرهن يفتقر للفظ مصرح به، ويأتي على تأويل ابن يونس أن الرهن لا يفتقر للفظ مصرح به فهذا لازم كلامهم وإن لم يصرحوا به، قال مصطفى: أي لم يصرحوا بأنهما تأويلان، وإلا فالخلاف في ذلك بين ابن القاسم وأشهب صرح به ابن رشد وابن عرفة وغيرهما. قاله البناني.
وقال عبد الباقي: وفرع على التأويلين قبله وعلى (تعريفه)(١) أول الباب الدال بظاهره على عدم افتقاره للفظ، قوله:"ففي افتقار الرهن للفظ مصرح به" دال على تعلق لفظ الرهن بالرهون صريحا
(١) في الأصل تفريعه والمثبت من عبد الباقي ج ٥ ص ٦٥٤.