إلا أن يكذبه عدول في دعواه موت دابة مستثنى من قوله:"وإلا فلا" لأنه مشتمل على ما لا يغاب عليه، يعني أن الرهن إذا كان مما لا يغاب عليه وادعى المرتهن تلفه بحضرة عدول عينهم، كما لو قال: ماتت الدابة الرهن بمحضر فلان وفلان فأنكروا ذلك، فإنه يترتب على المرتهن الضمان لظهور كذبه. قال المواق: أشهب: إذا زعم أن الدابة انفلتت منه أو أن العبد كابره بحضرة جماعة من الناس فينكرون ذلك فلا يصدق إلا أن يكون الذين ادعى حضورهم غير عدول فالقول قوله، يريد لأنهم إذا كانوا غير عدول لم يثبت كذبه. قال محمد: وهذا مذهب مالك وأصحابه فيما لا يغاب عليه، وإن ادعى موته ففي المدونة عن مالك أنه يصدق إلا أن يظهر كذبه بدعواه ذلك بموضع لا يعلم ذلك أهله، ولو قالوا: ماتت دابة لا نعلم لمن هي ففي المجموعة إن وصفوها فعرفوا الصفة أو لم يصفوها قُبلَ قوله إنها هي ويحلف.
ابن يونس: قال بعض فقهائنا: إذا ضاع الرهن الذي لا يغاب عليه ولا يعلم هلاكه إلا بقول المرتهن فلابد من يمينه كان متهما أم لا، وكذلك في عارية ما لا يغاب عليه والشيء المستأجر. انتهى. وقال عبد الباقي: إلا أن يكذبه عدول اثنان أو أكثر. وانظر إذا كذبه عدل وامرأتان في دعواه موت دابة معه بسفر أو حضر ولم يعلم به أحد فيضمن. انتهى. قوله: وانظر إذا كذبه عدل وامرأتان لا وجه للتنظير في هذا لقبول العدل والمرأتين في المال وما يئول إليه. قاله البناني. وقال عبد الباقي: ومَفْهُومُ "عدول" لو كذبه غيرهم لم يضمن لتطرق التهمة بكتمهم الشهادة، وَمَفهُومُ يكذبه أنه لو صدقه شهود لتأكد الظن بصدقه عدولا كانوا أو غيرهم، ويكفي في تصديق خبر العدول له أنهم رأوا دابة ميتة ولم يعلموا أنها الرهن، ويحلف أنها الرهن حيث لم يعلموا عينها مع كونها مثل المدعى موتها فيما يظهر لا كفرس في حمار، ولا مفهوم لموت ولا لدابة، فالمراد في دعواه تلف ما لا يضمنه ويكذبانه في ذلك. ومثل تكذيب العدول سكوتهم وعدم تصديقهم له. انتهى.
قوله: ومثل تكذيب العدول سكوتهم لخ يعني إذا كان سكوتهم لوجه وإلا فهو جرحة في حقهم حيث سئلوا وسكتوا. قاله البناني. وقد مر الوقت الذي تعتبر فيه القيمة عند قوله:"وضمنه مرتهن" فراجعه إن شئت، ويأتي وقت القيمة الشاهدة في قدر الدين.