وعلم مما قررت أن قوله: فيقول اتركه عندك خاص بالثانية، وأما الأولى وهي مسألة الإحضار بعد وفاء الدين فلا فرق بين أن يقول اتركه عندك أولا، ومثل الإحضار شهادة بينة بوجوده عند المرتهن بعد وفاء الدين، ولا مفهوم لقوله:"يدعوه لأخذه" بل حيث قال: بعد قضاء الدين اتركه عندك فإنه يبرأ منه دعاه لأخذه أم لا. وقوله:"اتركه عندك" بصيغة الأمر كما يفيده الخرشي. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله:"اتركه عندك" وكذلك أبقه أو خله أو أمسكه أو دعه أو نحو ذلك. انظر الخرشي. وقال المواق: اللخمي: الرهن مضمون وإن قضي ما رهن فيه إذا كان غائبا عنهما إلا أن يقول الراهن: اتركه عندك وديعة فيكون ذلك تصديقا أنه كان وقت القضاء موجودا، وإن كان حاضرا بين يديهما فقضي ما رهن فيه، ثم قام الراهن وتركه كان وديعة، ويصدق المرتهن إن قال: ضاع بعد ذلك. انتهى.
وإن جنى الرهن واعترف راهنه لم يصدق إن أعدم يعني أنه إذا ادعى شخص على الراهن أن الرهن جنى على بدنه أو على مال له، واعترف الراهن بذلك فإنه لا يصدق الراهن إن كان معدما حال اعترافه ولو بالبعض واستمر أو طرأ له قبل الأجل، وإنما لم يصدق لأنه يتهم على خلاص الرهن من يد المرتهن، والمراد لم يصدق بالنسبة للمرتهن، وأما بالنسبة للمجني عليه فيصدق لأنه يؤاخذ بإقراره فإن خلص من الرهنية تعلق به حق المجني عليه، فيخير سيده بين إسلامه وفدائه، فإن بيع في الدين تبع المجني عليه الراهن بالأقل من الثمن وأرش الجناية، وكلام المص في رهن تتعلق الجناية به كعبد، وأما إن كان حيوانا لا يعقل فإن الجناية لا تتعلق به أصلا، بل إما هدر وإما أن تتعلق بالغير كالسائق والقائد والراكب، وظاهر كلامه ادعى جناية قبل الرهن أو بعده وهو كذلك؛ إذ الفرض أن الراهن معدم والمرتهن حائزه فيهما كما مر: وإنما يفترقان إذا كان مليا كما قال: وإلا أي وإن لم يكن الراهن معدما بل كان مليا خير بين فدائه وإسلامه مع بقائه رهنا في الحالين كما قال: بقي الرهن على رهنيته ساقطا حق المجني عليه منه، إن فداه الراهن وإلا أي وإن لم يفده الراهن الملي بقي أيضا على رهنيته متعلقا به حق المجني عليه، ولهذا قال: