وقال الحطاب: أطلق رحمه اللَّه، والغيبةُ على ثلاثة أقسام: قريبة وحَدَّهَا ابنُ القاسم في العتبية والواضحة بالأيام اليسيرة فلا يفلس بل يكشف عن حاله. ابن رشد: ولا خلاف في ذلك وغيبة متوسطة، وحَدَّها ابن رشد بالعشرة الأيام ونحوها وإن لم يعلم ملاؤه فلس بلا خلاف، وإن علم لم يفلس على المشهور خلافا لأشهب، وغيبة بعيدة، وحَدَّهَا ابن رشد بالشهر ونحوه قال: ولا خلاف في وجوب تفليسه وإن علم ملاؤه وهذه طريقة ابن رشد، وأما اللخمي وابن الحاجب فأطلقوا في الغيبة وحكوا الخلاف فيها مطلقا من غير تقييد بعشرة أيام، كما قال ابن رشد. ونقل في التوضيح كلام ابن رشد جميعه ومشى عليه صاحب الشامل، ونصه: وفلس ذو غيبة إلى آخر ما مر قريبا. انتهى.
وقوله: وفلس حضر أو غاب" قال التتائي: وغيبة ماله كغيبته. انتهى. قال الرهوني: ومعنى قوله وغيبة ماله كغيبته أنه يجري فيها طريقا ابن رشد واللخمي، فعلى طريقة اللخمي لا يفلس مع علم الملاء عند ابن القاسم مطلقا، وعلى طريقة ابن رشد يفصل بين المتوسطة والبعيدة جدا، وقد مر أن المراد بقوله: "وفلس حضر أو غاب" التفليس الأعم وهو قيام الغرماء كما قاله البناني. وقال المواق عند قوله "حضر" ما نصه: ابن يونس: إذا طلب الغرماء الحجر على المفلس فإن الحاكم يحجر عليه، قال مالك: إذا قام رجل واحد بالديان فله تفليسه كقيام الجماعة ويبيع الإمام ما ظهر له من مال فيوزعه بين غرمائه بالحصص، ويحبسه فيما بقي إن تبين لدده واتهم. ابن محرز: إن قام له من حل دينه ومن لم يحل لم يفلس إلا أن يغترق ما حل ما بيده ولم يفضل إلا يسير لا يرجى في حركته له أداء حقوق الآخرين. انتهى. وقال المواق أيضا عند قوله: "أو غاب" لخ ما نصه من المدونة: روى ابن وهب عن مالك من قام بدين على غائب ولعله كثير المداينة لغير من حضر، فأرى أن تباع عروضه لمن حضر ويُقضى، قال ابن القاسم في العتبية وكتاب ابن حبيب في الغائب يقوم به بعض غرمائه وليس فيما حضر من ماله وفاء، فإن كان قريبا كالأيام اليسيرة فليكتب فيه ليكشف ملاؤه من عدمه، وأما في الغيبة البعيدة لا يعرف فيها ملاؤه من عدمه ولا يدري أين هو فهو كالمفلس، ويحل المؤجل من دينه، ومن باع منه سلعة