الثاني: قال عبد الباقي: قوله "بنسبة الديون" أراد اللازمة فتخرج الكتابة فلا يحاص بها السيد لأنها ليست بدين لازم، كأن يكاتب سيدٌ عبده المأذون له في التجارة وقام غرماء ذلك العبد وفلسوه واقتسموا ماله فلا يحاصهم السيد بالكتابة، بل إن وفى عتق وإن عجز رق. انتهى. وقال المواق: عند قوله: "بلا بينة حصرهم" ما نصه: ابن شاس: لا يكلف الغرماء حجة على أن لا غريم سواهم، ويكون المعول على أنه لو كان لظهر. انتهى.
الثالث: قال الخرشي: قوله "بلا بينة حصرهم" حال سواء قرئ قسم بالبناء للمفعول أو بالبناء للفاعل؛ أي وقسم حال كونه متلبسا بلا بينة حصرهم، أو وقسم الحاكم حال كونه غير مكلف ببينة حصرهم. انتهى.
واستؤني به إن عرف بالدين في الموت يعني أن الميت إذا كان عليه ديون وأراد الحاكم أن يقسم بين غرمائه ما وجد بيده فلا يخلو أن يكون معروفا بالدين أولا، فإن لم يكن معروفا بالمداينة قسم ما وجد من غير استيناء بلا خلاف، وإن كان معروفا بالدين فإنه يستأنى بالقسم لاحتمال طرو غريم آخر. وقوله: فقط إشارة إلى مذهب المدونة، قال فيها من رواية ابن وهب: لا يستأنى في المفلس، وروى غيره أنه يستأنى به كما في الموت. اللخمي: وهو أحسن. قاله الشارح.
وفرق على مذهب المدونة بين الموت والفلس بأن ذمة المفلس باقية فلو طرأ غريم لتعلق حقه بذمته والميت لا ذمة له، ولأن المفلس لو كان له غريم لأعلم به. قاله الشارح وغيره. وقال المواق: ابن يونس: ظاهر حديث عمر تعجيل قسم مال المفلس بين غرمائه بعد إشهار ذلك، بقوله:"إنا نقسم ماله بالغداة فمن كان له شيء فليأتنا". وقال ملك: يستأنى بقسم مال الميت المعروف بالدين لاجتماع بقية غرمائه. انتهى.
وقال الشارح قال أصبغ: إذا فلس الغريم أو مات ينادى على باب المسجد في مجتمع الناس: إن فلان بن فلان قد فلس أو مات فمن كان له عليه دين أو له عنده قراض أو وديعة أو بضاعة فليرفع ذلك إلى القاضي. انتهى. وقال عبد الباقي: واستؤني وجوبا فيما يظهر باجتهاد الحاكم به أي بالقسم إن عرف بالدين في الموت لخراب ذمته فقط، لا في المفلس لحاضر أو قريب غيبة كبعيدها إن لم يخش أن يكون عليه دين، وإلا استؤني. قاله ابن رشد ففي مفهوم "فقط" تفصيل.