وإن ظهر دين يعني أن المفلس أو الميت إذا قسم الغرماء ماله ثم طرأ عليهم غريم، سواء علم الغرماء به أم لا ولم يعلم الورثة بالدين وليس الميت مشهورا بالمداينة بدليل ما يأتي، فإنه يرجع على كل من الغرماء بالحصة التي تنوبه لو كان حاضرا، فلا يأخذ مليا عن معدم ولا حاضرا عن غائب ولا حيا عن ميت، فلو كان مال المفلس عشرة مثلا وله غرماء ثلاثة عليه لكل واحد منهم عشرة أحدهم غائب فاقتسم الحاضران ماله فأخذ كل واحد منهما خمسة على قدر دينه ثم قدم الغائب فإنه يرجع على كل واحد منهما بواحد وثلثين، واحترز بقوله:"ظهر دين" عما لو كان أحد الغرماء حاضرا للقسم ساكتا بلا عذر من القيام بحقه فإنه لا يرجع على أحد بشيء؛ لأن سكوته يعد رضى منه ببقاء ما ينوبه في ذمة المفلس، قال في كتاب السلطان من العتبية من كتاب التفليس: ولو كان الغريم حاضرا عالما بدينه والغرماء يقتسمون لا يرجع عليهم بشيء، وكذا لو رأى الورثة يقتسمون التركة وهو حاضر عالم بلا عذر فلا قيام له بذكر حق، فلو كان له عذر من خوف سلطان ونحوه قام ولو كان ذكره ضائعا، وقال: لم أعلم بالدين إلا حين وجدت الذكر حلف وكان له القيام لخبر: (لا يبطل حق امرئ مسلم ولو قدم)(١).
فلو نكل حلف الورثة ما يعلمون هذا الحق ولا يكلفون أن يحلفوا على رد الشهادة، فإن نكلوا غرموا أو من نكل منهم. انتهى. ولو قال كنت أعلم بالدين ولكن كنت أنتظر الذكر أو البينة لم يعذر بذلك إذا سكت على ما للجزولي وابن عمر، وصوبه ابن ناجي ورجع إليه أبو مهدي بعد ما قال إنه يعذر به. قاله الخرشي. قوله: لم يعذر بذلك نحوه لعبد الباقي، قال الرهوني: جزم هنا وكذلك آخر باب الشهادات عند قوله: "ثم ادعى حاضر ساكت بلا مانع"، وزاد هناك ما نصه: فإن سكت لمانع كدعوى جهله ما يقوم به من بينة أو وثيقة ثم وجد عذر بذلك. انتهى.
وسلم التاودي والبناني ما قاله من أنه لا يعذر في الصورة الأولى واعترضا معا ما قاله في الثانية من أنه يعذر بذلك، مستدلين بما في الحطاب عن الجزولي وابن عمر وتصويب ابن ناجي، وكلام البناني يفيد أن ما في الحطاب عمن ذكر يشمل الصورتين معا؛ لأنه استدل به لصحة ما قاله
(١) موطأ ابن وهب، كتاب القضاء في البيوع، رقم الحديث ٣٢٨.