حاص الغرماء بفدائه أي بما دفعه في الرهن لا بفداء الجاني يعني أن الغريم إذا وجد سلعته التي حيزت عنه قد جنت فإنه بالخيار بين أن يدعها ويحاص بثمنها، وبين أن يفديها بأرش الجناية فيأخذها ولا يحاص بالفداء الذي دفعه في الجناية بل يضيع عليه. قال المواق: ابن شاس: إذا وجد العبد الذي باعه مرهونا فهو بالخيار بين أن يدعه ويحاص بالثمن أو يفديه ويأخذه بالثمن كله، زاد أو نقص ويحاص بما فداه به، بخلاف ما لو وجده جانيا ففداه وأخذه بالثمن فإنه لا يرجع بشيء مما فداه به، وعزا ابن عرفة مسألة الرهن لسماع ابن القاسم ومسألة الجناية لرواية محمد، وقال ابن يونس: الفرق بين المسألتين أن الرهن من سبب المشتري والجناية لم يتعلق بذمته شيء يلزمه. انتهى.
وقوله:"لا بفداء" الفداء فيه أربع لغات: الفداء بالدمع فتح الفاء وكسرها، وبالقصر مع فتح الفاء وكسرها، وقوله:"لا بفداء الجاني" صادق بصورتين ما إذا أسلمه المشتري في الجناية بعد أن فلس وما إذا لم يسلمه أصلا، وبقيت صورة ثالثة وهي ما إذا أسلمه بعد الجناية وقبل فلسه فليس لربه فداؤه؛ لأن تصرف المشتري حينئذ بالإسلام للمجني عليه لا يرد كبيعه قبله، وأما لو فداه المفلس فإن ربه يأخذه مجانا، وكان الأولى أن يقول: وحاص بفكاكه لأن الرهن ليس مفديا وإنما هو مفكوك، لكنه عبر بالفداء لشاكلة قوله:"لا بفداء الجاني" ليصير الكلام على وتيرة واحدة. واللَّه تعالى أعلم. وقوله:"وله فك الرهن وحاص بفدائه" عام في كل شيء، وقوله:"لا بفداء الجاني" هو مفروض في الذي تتعلق به الجناية وهو الرقيق.
ونقض المحاصة إن ردت بعيب معطوف على قوله:"فك الرهن" أي وله نقض المحاصة، ومعنى كلامه أن من حاص غرماء المفلس لأجل عدم سلعته ثم ردت على المفلس بعيب، فإن لربها أن ينقض المحاصة ويأخذ سلعته ويرد الحصة التي نابته في الحصاص، وهذا مذهب ابن القاسم في العتبية وهو مذهب اللخمي، ويصح أن يقال ذلك حكم مضى فلا يرد. قاله الشارح. وقال عبد الباقي مفسرا للمص: ولصاحب السلعة التي حاص الغرماء بثمنها نقض المحاصة إن ردت على المفلس بعيب أو فساد أو تفليس المشتري الثاني، فيأخذ الأول سلعته لأنه إنما حاص لعدم وجدانها ويأخذها بجميع الثمن ولا أرش له، خلافا لقول الشارح: يأخذها ويحاص الغرماء