الموت إسوة الغرماء، ولابن القاسم في كتاب محمد وهو قول أصبغ أنه (أحق)(١) بذلك في الموت والفلس؛ أي لأن الزرع إنما نشأ عن الأرض فكانت كالحائزة له وحوزها كحوز صاحبها، فكانت بمنزلة من باع سلعة ثم فلس مشتريها أو مات وهي في يد بائعها، ونظر في الأول إلى أن الزرع لا نشأ عن الأرض فغايته أن يكون كمن باع الطعام فيكون أحق به في الفلس فقط. قاله الشارح.
وقوله:"في زرعها" مثل الزرع الغرس وليس البناء كالزرع والغرس؛ لأن الأرض لا تثمره ولا تنميه، ففي كلام عبد الباقي نظر. انظر الرهوني. قال عبد الباقي: واستشكل تقديمه في زرعها بتأديته إلى كراء الأرض بما تنبته أو بالطعام؛ لأن ما يؤخذ عن الكراء بمنزلة الواقع به ابتداء. انتهى المراد منه. قال البناني: أجاب الشيخ الكسناوي بأن معنى تقديم رب الأرض في زرعها أن زرعها يكون رهنا بيده فيباع ويأخذ من ثمنه الكراء، فلا يلزم كراء الأرض بما يخرج. انتهى. وهو ظاهر. انتهى. وقد أشرت في أول الحل إلى هذا. واللَّه تعالى أعلم.
ثم ساقيه يعني أن المكتري للأرض إذا فلس يقدم المكري على غيره من الغرماء في الزرع كما عرفت، فإذا استوفى من ثمنه فإنه يليه ساقي الزرع المذكور بأجرة معلومة حتى يستوفي أجرته، إذ لولاه ما انتفع بالزرع، وليس المراد بالساقي عامل المساقاة لأنه يأخذ حصته دون رب الأرض وغيره؛ لأنه شريك. انتهى قاله عبد الباقي.
ثم مرتهنه أي الزرع يعني أن المكتري المذكور إذا رهن الزرع فإنه إذا استوفى المكري حقه يليه الساقي للزرع حتى يستوفي أجرته، ثم يليه المرتهن للزرع حتى يستوفي حقه فيقدم على غيره من الغرماء بعد الذين تقدما، ثم إن فضل شيء فللغرماء. قال عبد الباقي: وقدم رب الأرض والساقي على المرتهن لأن الزرع إنما نشأ عن مال هذا وعمل هذا فكانا أخص في الحوز، وصاحب الحوز الأخص مقدم على صاحب الحوز الأعم، كما لو وقعت سمكة في حجر إنسان في مركب فإنه يكون أحق بها من صاحب الركب. انتهى.