أذن له سيده أن يتجر في مال نفسه ولو كان ربحه للسيد أو في مال دفعه له السيد على أن الربح للعبد، فإن كان للسيد فوكيل لا مأذون كذا يفيده أبو الحسن. والفرق بين هذا الرابع والثاني أن المال فيه ملك العبد واشتراط ربحه لسيده لا يخرجه عن كونه ملكه، بخلاف الرابع فإن المال فيه للسيد لا ملك للعبد فيه. قال أحمد: إذا أذن له السيد أن يتجر في ماله فله أن يتجر في مال نفسه أيضًا بخلاف عكسه، وإذا لحقه دين كان في المالين. انتهى.
وانظر لو دفع له مالا وأذن له في التجر فيه على أن يكون نصف ربحه له ونصفه الآخر للعبد والظاهر أنه يجري كل على حكمه، وإذا لحقه دين في المال كله فنصفه على السيد إن لم يكن بقي معه من أصل المال شيء ونصفه على المأذون ولا علقة على السيد فيه بشيء. انتهى.
ولو في نوع يعني أن السيد إذا أذن لعبده أن يتجر في نوع من الأنواع كالبز مثلا بأن قال له: اشتر البز فالبز هو المأخوذ عوضا عما في يده كما يأتي عن الرهوني ما يفيده، فإنه يكون مأذونا له أن يتجر في جميع الأنواع من بز وغيره لأنه أقعده للناس ولا يدرون لأي أنواع التجارة أقعده قاله ابن القاسم. وقول ابن القاسم هذا الذي مر عليه المص هو المشهور، وقال اللخمي: هو أحسن لأن السيد غر الناس بإذنه. انتهى. يعني أحسن من مقابله المشار إليه بلو، وهو قول سحنون إنه يختص بذلك النوع. قال عبد الباقي معللا كونه مأذونا له في النوع الذي خصه وغيره لأنه أقعده للناس ولا يدرون لأي أنواع التجارة أقعده، فإن صرح له بمنع غير النوع منع أيضًا أشهره أم لا، ورد غير ما ضينه له إن أشهره ومضى إن لم يشهره. انتهى المراد منه.
وقال الشارح: ولا خلاف أنه إذا أذن له في التجارة من غير تقييد بنوع أنه يكون كالوكيل الفوض. وقال سحنون: ليس له أن يتجر بالدين إذا حجر عليه في التجارة به، قال في المقدمات: وكذا يلزم من قوله إذا حجر عليه في نوع من الأنواع وعلى المشهور فقيد ذلك بعض شيوخ صقلية بأن لا يشهر ذلك ولا يعلنه، وأما إن أشهره فلا يلزمه. ابن رشد: وهو الصحيح من جهة المعنى قائم من المدونة والعتبية. انتهى.
وقال الرهوني عند قول عبد الباقي ومضى إن لم يشهره به ما نصه: هذا مذهب ابن القاسم في المدونة والعتبية وهو قول أصبغ وصرح في التوضيح بتشهيره، ونصه: فالمشهور وهو مذهب المدونة