اليمين بما التزم أداءه عند الأجل، ولا يجوز على ظاهر الحكم لأنه سلف جر منفعة، فالسلف التأخير والمنفعة سقوط اليمين المنقلبة على المدعي بتقدير نكول المدعى عليه أو حلفه فيسقط جميع المال المدعى به، فهذا ممنوع عند الإمام وجائز عند ابن القاسم وأصبغ.
وَمِثَالُ ما يمتنع على دعواهما أن يدعيَ عليه بدراهم وطعام من بيع فيعترف بالطعام وينكر الدراهم، فيصالحه على طعام مؤجل أكثر من طعامه أو يعترف بالدراهم، ويصالحه على دنانير مؤجلة أو على دراهم أكثر من دراهمه، فحكى ابن رشد الاتفاق على فساده ويفسخ لما فيه من السلف بزيادة والصرف المؤخر،
وَمِثَالُ ما يمتنع على دعوى المدعي وحده أن يدعيَ بعشرة دنانير فينكرها ثم يصالحه على مائة درهم إلى أجل، فهذا ممتنع على دعوى المدعي وحده إذ لا يجوز له أن يأخذ دراهم مؤجلة عن دنانير، ويجوز ذلك على إنكار المدعى عليه لأنه إنما صالح على الافتداء من يمين وجبت عليه فهذا ممتنع عند مالك وابن القاسم وأجازه أصبغ إذ لم تتفق دعواهما على فساد.
وَمِثالُ ما يمتنع على دعوى المدعى عليه وحده أن يدعي بعشرة أرادب قمحا من قرض، وقال الآخر: إنما لك عليَّ خمسة من سلم وأراد أن يصالحه على دراهم ونحوها معجلة فهذا جائز على دعوى المدعي؛ لأن طعام القرض يجوز بيعه قبل قبضه، ويمتنع على دعوى المدعى عليه لأن طعام السلم لا يجوز بيعه قبل قبضه فهذا يمتنع عند مالك وابن القاسم. قاله عبد الباقي. أي ويجوز عند أصبغ، ولمصطفى هنا كلام رده البناني، فظهر أن الصواب ما مثل به هنا عبد الباقي وغيره. واللَّه تعالى أعلم.
وَلَا يحل لظالم يعني أن المصالح به لا يحل للظالم من الخصمين لأخذه ما ليس له، فلا يحل له ما أخذ فيما بينه وبين اللَّه بل ذمته مشغولة به، وظاهره ولو حكم به حاكم يراه وهو ظاهر؛ إذ قوله:"للظالم" يشعر بأن الحكم وقع فيما ظاهره يخالف باطنه، فهو موافق لقوله في القضاء: لا أحل حراما، وأما ما ظاهره كباطنه فإنه يحل الحرام كما يأتي بيانه في القضاء، ثم فرع على قوله:"ولا يحل لظالم" فروعا ثمانية، قال الخرشي: ستة يسوغ للمظلوم نقض الصلح فيها اتفاقا أو على المشهور، واثنتان لا ينقض فيهما اتفاقا أو على المشهور.