فإن قيل لو شرط عدم الغيبة في شركة المسلم لامتنع فما الفرق؟ فالجواب أن اشتراط ذلك مانع أيضا في شركة الذمي، ولكن إذا وقعت الشركة بغير شرط كان له منع الذمي من ذلك كي لا يعمل بالربا. اهـ منه بلفظه. وهو المظاهر.
وأما قول المدونة: ولا يصلح لمسلم أن يشارك ذميا إلا أن لا يغيب عليه على بيع ولا شراء ولا قضاء ولا اقتضاء إلا بحضرة مسلم، فمعناه أنه اشترط ذلك مع بقاء المال تحت أيديهما وفي حوزهما معا، قال ابن ناجي عند نصها السابق ما نصه: قوله ولا يصلح لمسلم أن يشارك ذميا لخ، أبو عمران: انظر هذا مناقض لما تقدم في قوله: "وإن استويا في المال والربح" على أن يمسك أحدهما رأس المال عنده، فإن كان يتولى التجارة دون الآخر لم يجز وإن توليا جميعا جاز، والفرق أنه فيما تقدم خرج عن حكم الأمانة وهنا ما خرج عن حكمها، وإنما شرط أن لا يغيب الذمي على بيع ولا شراء ليلا يعمل بالربا. اهـ.
وقول الزرقاني: كذا يفيده اللخمي، يقتضي أن اللخمي تكلم على مسألة تحقق عمله بالخمر، وفيه نظر إذ لم يتكلم على صورة التحقق في النسخة التي بيدي من تبصرته ولا فيما نقله عن ابن عرفة والحطاب، وإنما تكلم على صورة الشك، والحطاب هو الذي ذكر تحقق عمله بذلك فانظره، وقول البناني: ما نقله عن والده نقله اللخمي لخ، كأنه قصد بهذا نسبة الزرقاني للقصور، وصرح بذلك التاودي ونصه: فيه نظر كيف يعزو هذا للوالد كأنه لم يقل ذلك أحد قبله مع أنه منصوص عليه للخمي وغيره؟ اهـ محل الحاجة منه بلفظه.
قلت: إنما نسب الزرقاني ذلك لوالده واللَّه تعالى أعلم باعتبار قوله: وكذا ينبغي أن يكون الحكم كذلك إذا اشترك مع بالغ صبي أو سفيه، إذ لم يتكلم على ذلك اللخمي ولا ابن عرفة ولا الحطاب فنأمله فلا نظر في كلامه ولا قصور، وظاهر ما نقله التاودي والبناني عن ابن عرفة والحطاب أنه يجوز للمأذون له مشاركة غيره مفاوضة وغيرها، ولا إشكال في غير المفاوضة، وأما المفاوضة ففي المدونة ما نصه: ويجوز للمأذون مفاوضة الحر، فظاهره وإن لم يأذن له في نفس المفاوضة، وتأولها أبو عمران على أنه أذن له في المفاوضة، وعلله بأن المفاوضة تستلزم الحمالة لأن كل واحد منهما حميل عن الآخر وهو لا يتحمل إلا بإذن سيده كما قال في كتاب الحمالة، وعلى هذا فهو موافق لا