ذكره من وجوب اليمين إذا قام بالقرب معارض لما ذكره عن ابن الهندي من أنه لا تسمع دعواه إذا قام عليه حين الشروع ويؤخر إلى الفراغ، فكيف يؤمر بالتأخير إلى الفراغ؟ وتجب عليه اليمين إذا قام بالقرب فتأمله، ثانيهما أنه استشهد لما قاله ابن فرحون بما نقله عن العتبية وفيه نظر؛ لأن الذي في العتبية وجوب اليمين بعد السنة والسنتين وليس هذا بقرب، فلو استدل له بما في الوثائق المجموعة وابن سلمون ونظمه في التحفة لسلم من هذا، ومع ذلك فالذي في المعيار عن العتبية بالمحل المذكور خلافه، فإنه نقل في نوازل الضرر كلام العتبية بطوله، ونقل كلام ابن رشد عليه، فقال في آخر كلام ابن رشد ما نصه: ولما قال إن من حق المبتاع أن يسد المجرى على البائع حكم عليه بحكم ما لو أحدثه عليه بعد الشراء، فقال: إنه إن قام بقرب ذلك كان له أن يسده وإذا لم يقم إلا بعد السنة والسنتين لم يكن له ذلك إلا بعد يمينه، وإن سكت إلى وقت الحيازة في الأشياء عد ذلك رضي ولزمه. اهـ.
وعلى هذا فلا إشكال فيما نقله عن ابن الهندي، ولا يعول على ما نقله عن ابن فرحون من وجوب اليمين مع القرب وإن وافق ما في التحفة وغيرها لمخالفته لما في العتبية، وسلمه حافظ المذهب ابن رشد ولم يحك خلافه، وسلمه الحافظ الونشريسي ولم يحك فيه خلافا. واللَّه الموفق. اهـ.
وإصطبل قال النووي: هو بكسر الهمزة وهي همزة أصلية فكل حروف الكلمة أصلية وهو عجمي معرب وهو بيت الخيل ونحوها. قاله الحطاب. ومعنى كلام المص أن الجار يمنع من إحداث إصطبل عند بيت جاره لما فيه من الضرر ببول الدواب وزبلها ببيت جاره وحركتها في الليل والنهار المانعة من النوم. قاله في المفيد. قاله المواق. وقال البناني عند قوله:"وإصطبل" ما نصه: اعترض هذا بأنه مستغنى عنه؛ لأنه إن كان للرائحة فهو داخل في قوله:"ورائحة كدباغ"، وإن كان للضرر بالجدار فهو داخل فيما قبله، وإن كان للصوت فهو داخل في قوله:"وصوت ككمد" وأجيب بأن مراده التنصيص على ما وقع في النص. انتهى.
وقال الخرشي معللا للمنع من إحداث الإصطبل بقوله: لما في الاصطبل من الضرر ببول الدواب وزبلها وحركتها ليلا ونهارا، ويفيد كلام غير واحد أن الإصطبل لا يتقيد بكونه قبالة باب الجار، فيمنع من إحداثه مطلقا كان قبالة باب الجار أم لا. واللَّه تعالى أعلم.