قيل إنما تلزم بالبذر وهو الذي مر عليه المص، وقيل تلزم بالشروع في العمل وهو يروى عن ابن كنانة وليس بقياس، وقيل تلزم بالعقد. قاله ابن رشد.
وصحت إن سلما من كراء الأرض بممنوع يعني أن المزارعة تصح بهذه الشروط الأربعة التي يذكرها المص: أحدها أن يسلم المتعاقدان من كراء الأرض بممنوع بأن لا تقع الأرض أو جزؤها في مقابلة البذر أو جزئه، وسلامتها من ذلك أن يقع كراء الأرض بذهب أو فضة أو بعرض، لا بطعام ولو لم تنبته كعسل أو بما تنتبه، ولو لم يكن طعاما كقطن أو كتان، ويستثنى من ذلك الخشب ونحوه كعا يأتي في باب الإجارة.
ثانيها أشار إليه بقوله: وقابلها مساو يعني أنه إذا كانت الأرض التي تزرع لأحدهما، فإنه لابد أن يقابلها مساو لها من غير البذر، ومعنى التساوي أن يأخذ على قدر الربح الواقع بينهما أي يأخذ كل من الزرع على قدر أجرة ما له من أرض وعمل، فإذا كانت الأرض لأحدهما وأجرتها مائة وللآخر البقر والعمل أي عمل اليد وأجرة ذلك خمسين ودخلا على أن لرب الأرض الثلثين ولرب البقر والعمل الثلث جاز، وإن دخلا على النصف أي على أن كل واحد يأخذ من الزرع النصف لم يجز لأنه دخول على التفاوت، وإن كان الأمر بالعكس ودخلا على أن لرب البقر والعمل الثلثين ولرب الأرض الثلث جاز، وإن دخلا على النصف فسد لأنها تفسد بشرط التفاوت، وإن كانت أجرة الأرض خمسين والبقر والعمل خمسين ودخلا على الثلث والثلثين فسد وعلى النصف جاز، فالمراد بالتساوي أن يكون الربح أي الزرع المأخوذ مطابقا للمخرج أي لكرائه، وأما إن قابل الأرض البذر فذلك ممنوع، وقد خرج بقوله:"وصحت إن سلما من كراء الأرض بممنوع".
ثالث الشروط أشار إليه بقوله: وتساويا يعني أنهما لابد أن يتساويا في الربح بأن يأخذ كل واحد منهما من الزرع على قدر أجرة ما يخرجه، وهذا الشرط الثالث يغني عما قبله.
والشرط الرابع هو قوله الآتي:"وخلط بذر إن كان" وقولي: بشروط أربعة تبعت فيه عبد الباقي، قال البناني: هذا ظاهر المص، وفيه أن المزارعة ليس فيها إلا شرطان: السلامة من كراء الأرض بممنوع، والدخول على التساوي. وعلى هذين اقتصر ابن شاس وأبو الحسن وغيرهما، قال مصطفى: وأما قوله: "وقابلها مساو" فهو مندرج في قوله: "وتساويا" فيغني عنه كما قال ابن غازي