الخامس: اعلم أن أركان الوكالة أربعة: الموكل بالكسر والموكل بالفتح وهو الوكيل والصيغة والشيء الموكل فيه، وعدها بعضهم ثلاثة: الصيغة والعاقد والموكل فيه، ولا مشاحة في ذلك، فأشار للصيغة بقوله:"بما يدل عرفا"، وللموكل فيه بقوله:"في قابل النيابة"، وقد مر الكلام على الموكل والوكيل عند قول المص:"وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل". واللَّه تعالى أعلم.
وتخصص الضمير في تخصص يرجع للفظ الموكل أو للشيء الموكل فيه، والمعنى واحد. واللَّه تعالى أعلم. يعني أن لفظ الموكل إذا كان عاما فإنه يتخصص بالعرف كما لو قال: وكلتك على بيع دوابي فإن هذا اللفظ عام في جميع الدواب، فإذا كان العرف يقتضي تخصيصه ببعض أنواع الدواب فإن ذلك اللفظ يتخصص، بمعنى أن لفظ الموكل يخرج منه ما أخرجه العرف فلا يكون موكلا إلا على بيع ما جرى العرف ببيعه لا غير.
وتقيد يقال في ضميره ما قيل فيما قبله؛ يعني أنه إذا كان لفظ الموكل مطلقا فإنه يقيده العرف كما لو قال له وكلتك على بيع هذه السلعة فإن هذا اللفظ مطلق، فإذا كان العرف يقتضي بيعها في مكان مخصوص أو زمان مخصوص تقيد بذلك، وكذا لو قال له اشتر لي فإنه يتقيد بما يليق بالموكل.
وعلم مما قررت أن قوله: بالعرف يتنازعه قوله: "وتخصص وتقيد" وإذا تخصص بالعرف أو تقيد به فاللفظ أولى. ابن شاس: ولا بد من تتبع مخصصات الموكل، فلو قال: بع من زيد لم يبع من غيره. قاله الشارح. وقال المواق: ابن شاس: أما إن قيدت الوكالة بالتصرف في بعض الأشياء فالرجع في ذلك التقييد إلى مقتضى اللفظ والعادة. اهـ. والعام لفظ يستغرق الصالح له من غير حصر، والمطلق هو اللفظ الدال على الماهية بلا قيد. قاله الحطاب هنا واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: فلا يعده أي لا يتجاوزه الضمير البارز فيه عائد على الشيء الموكل فيه، والمستتر يعود على التوكيل أو تصرف الوكيل؛ يعني أن تصرف الوكيل لا يتعدى ما وكل فيه، واستثنى من ذلك ما جرت العادة بالمجاوزة فيه فقال: إلا أن يوكله على بيع فله أي للوكيل على البيع طلب الثمن من المشتري، وقبضه أي الثمن منه هو كقول ابن الحاجب: ويكون للوكيل المطالبة بالثمن وقبضه، قال في التوضيح: يعني أن التوكيل على البيع يستلزم أن يكون للوكيل المطالبة بالثمن وقبضه، وكذلك لو سلم المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه، قال الحطاب: قوله فله طلب الثمن يقتضي أن له ترك ذلك