فلا تعتكف، ولا تطوف، ومس مصحف، وتجوز لها القراءة، خلافا لقول ابن الحاجب: لا تقرأ النفساء، ورده في التوضيح بأنه مما انفرد به ابن الحاجب، وصرح في المقدمات بتساويهما في القراءة، وكأنه، أي ابن الحاجب -والله تعالى أعلم- نظر إلى أنه لما كانت العلة في قراءة الحائض خوف النسيان بسبب تكرره، فلا ينبغي أن يلحق بها النفساء لندور النفاس، وفيه نظر، فإن طوله يقوم مقام التكرار، قاله الإمام الخطاب. وقال ابن فرحون والثعالبي: قال ابن راشد: قوله لا تقرأ النفساء، هو قول مالك في المدونة. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وبما قررته علم أن قوله: كالحيض خبر عن قوله: "وتقطعه ومنعه" ووجب وضوء بهاد يعني أن الوضوء يجب بسبب خروج الهادي؛ وهو ماء أبيض يخرج من الحامل قرب الولادة يجتمع في وعاء عند وضع الولد أو السقط سواء كان في أول الحمل أو وسطه أو آخره؛ لأنه كالبول. قاله الشبراخيتي. البساطي: الهادي هو الوعاء الذي يكون فيه الولد سواء كان وسط الحمل أو أوله أو آخره.
والأظهر نفيه يعني أن ابن رشد استظهر القول بنفي وجوب الوضوء بسبب خروج الهادي، وقد روي عن مالك أنه قال: ليس بشيء، وأرى أن تصلي به. ابن رشد: وهو الأحسن، لكونه غير معتاد، والقولان مبنيان على أنه هل يعتبر دوام الاعتياد في الخارج، أو يعتبر الاعتياد فيه في بعض الأحيان؟ وعلى كل من القولين فهو نجس يعفى عنه إن شق. واعلم أن كل مائع يخرج من السبيلين فهو نجس. ولما أنهى الكلام على الطهارة التي هي أوكد شروط الصلاة أتبع ذلك بالكلام على بقية شروطها، وأركانها، وسننها، ومندوباتها، ومبطلاتها، وأنواعها.