ومبدؤه للظهر، من زوال الشمس؛ أي ميلان قرصها لجهة الغرب عن كبد السماء، والمختار اسم مفعول؛ أي أن المكلف يختار أي أجزائه لإيقاع الصلاة فيه إن شاء أوله، وإن شاء وسطه، وإن شاء آخره. وقوله:"الوقت" هو الزمن المقدر للعبادة شرعا مضيقا كوقت الصوم، أو موسعا كوقت الصلاة. ومعرفته فرض كفاية عند القرافي، فيجوز فيه التقليد، وفرض عين عند صاحب المدخل، ووفق بينهما بحمل كلام صاحب المدخل على أنه لا يجوز للشخص الدخول في الصلاة حتى يتحقق الوقت. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وعبارة الشيخ الأمير الجزم بالوقت عن دليل كفائي، ومطلقة ولو تقليدا شرط في الصحة، وغلبة الظن كافية، كما قال صاحب الإرشاد: وهو المعتمد. انتهى. وقوله: ومطلقة الضمير يرجع إلى الجزم. والله سبحانه أعلم. وسمي الظهر ظهرا؛ لأنها أول صلاة ظهرت في الإسلام، ولذا تسمى الأولى، أو لفعلها في وقت الظهيرة؛ أي شدة الحر. قال طرفة:
إن تنله فلقد تمنعه … وتريه النجم يجري بالظهر
وبدأ بها لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم صبيحة ليلة الإسراء. هذا هو قول الأكثر. ومقابله ما روي: لما فرضت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فصلى به الصبح حين طلع الفجر، وفيه ابن الجهم ضعيف. وفي حديث آخر: هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم، فصلى الصبح حين طلع الفجر، وقد يقال لا دليل في هذين الحديثين وإن صَحَّا، لاحتمال أن المراد فيهما صبح اليوم الثاني. وقوله:"من زوال الشمس" وكيفية معرفة ذلك هو ما قال في التوضيح: أن تقيم عودا مستقيما، فإذا تناهى الظل في النقصان وشرع في الزيادة، فذلك وقت الزوال، ولا بد من زيادة بينة، وهذا الزوال يعلمه الناس. وهناك زوال لا يعلمه إلا الله. وزوال يعلمه الملائكة المقربون عليهم الصلاة والسلام. (فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل: هل زالت الشمس؟ فقال لا نعم. فقال: ما معنى لا نعم؟ فقال: يا رسول الله قطعت الشمس من فلكها