للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لآخر القامة متعلق بمحذوف أي ينتهي؛ يعني أن وقت المختار ممتد من الزوال إلى آخر القامة الأولى، والمراد بذلك أن يصير ظل كل شيء مثله، وقامة كل إنسان سبعة أقدام بقدمه، أو أربعة أذرع بذراعه. وقيل: ستة أقدام وثلثا قدم، وقيل: ستة أقدام ونصف، قاله الشيخ إبراهيم.

والأصل في تحديد أوقات الاختيار ما رواه أبو داوود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمَّنِي جبريل عند البيت مرتين فصلى بني الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. وصلى المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم صلى المغرب لوقته الأول، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل، ثم صلى الفجر حين أسفرت الأرض. ثم التفت جبريل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين (١)). قال الترمذي: حديث حسن، وبرق الفجر بزغ، وقوله: مثل الشراك؛ أي الذي يكون على وجه النعل؛ وهو كناية عن أول ظهور الظل. وقوله: حين وجبت الشمس؛ أي سقطت بالغروب، والفيء الظل بعد الزوال. انظر الخطاب. والشبراخيتي.

بغير ظل الزوال يعني أن القامة إنما تعتبر بعد ظل الزوال، أي الظل الموجود عند الزوال؛ وهو يزيد في الشتاء، وينقص في الصيف ويختلف باختلاف البلاد. فقوله: "بغير ظل الزوال"؛ أي إن كان للزوال ظل، وإلا فالمعتبر القامة خاصة؛ أي قامة كل شيء، أي شيء كان. وما ورد في صحيح مسلم من أن مدة الدجال أربعون يوما، وأن فيها يوما كسنة، ويوما كشهر، ويوما كجمعة، وسائر أيامه كأيامنا. فقال الصحابة: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا اقدروا له قدره (٢)). فذلك حكم مخصوص بذلك اليوم، وقياس اليوم الثاني


(١) الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ١١٣. وأبو داود، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٣٩٣.
(٢) صحيح مسلم، كتاب الفتن، رقم الحديث: ٢٩٣٧.