للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حديث: (من تفوته صلاة العصر كأنما وُتِر أهله وماله (١))، وفسره سحنون والأصيلي والباجي بالتأخير عنه، ونقل المازري عن ابن القصار: لا يلحقه وعيد لكنه مسيء. ونقل أبو عمر عدم تأثيمه عن إسحاق والأوزاعي وغيرهما، وفي شرط جواز التأخير بالعزم على الأداء قولا القاضي مع الباقلاني، والباجي مع غيره. زروق: ورجح ابن العربي عدم الاشتراط. قاله ابن عرفة.

وفي الحطاب: اتفق أصحاب مالك على أنَّه لا يجوز تأخير الصلاة عن الوقت المختار إلى ما بعده من وقت الضرورة؛ وهو القامة في الظهر والقامتان أو الاصفرار في العصر، ومغيب الشفق في المغرب على مذهب من رأى أن لها وقتين، وانقضاء نصف الليل في العشاء الأخيرة، والإسفار في الصبح على مذهب من رأى أن لها وقتَ ضرورة فمن فعل ذلك فهو مضيع لصلاته مفرط فيما أمره الله به من حفظها ورعايتها آثم لتضييعه وتفريطه وإن كان مؤديا لها غير قاض، وأما تركها حتى يخرج وقتها فهو من الكبائر. قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} الآية. وإضاعتها على ما قال أكثر أهل العلم بالتأويل تأخيرها عن مواقيتها، والغَيُّ بير في قعر جهنم يسيل فيه صديد أهل النار. وقيل: الخسران. وقيل: الشر. انتهى.

فائدة: في الموطإ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله (٢)). انتهى. روي بنصب اللامين ورفعهما، والنصب هو الصحيح المشهور على أنَّه مفعول ثان نحو: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}، والرفع على ما لم يسم فاعله. ومعنى وُتِرَ نقص، قال الخطابي وغيره: نقص أهله وماله وسلبهم وبقي وترا بلا أهل ولا مال، واختلف في معنى الفوات في هذا الحديث، فقال ابن وهب: هو فيمن لم يصلها في وقتها المختار، وقيل: بغروب الشمس. وفي موطإ ابن وهب: قال مالك: تفسيره ذهاب الوقت؛ وهو محتمل للمختار وغيره، وقال الأوزاعي: فواتها أن تدخل الشمس صفرة، وقال المهلب ومن تبعه: إنما أراد فواتها في الجماعة، وقيل: إن هذا فيمن فاته صلاة العصر ناسيا، والعامد أحرى لحصول الإثم مع فوات الثواب. وقال الداوودي: إنما هو في العامد. وقوله: صلاة العصر، يحتمل أن الحديث خرج جوابا لسائل عمن


(١) الموطأ، كتاب وقوت الصلاة، رقم الحديث: ٢١.
(٢) الموطأ، كتاب وقوت الصلاة، رقم الحديث: ٢١.