هذا وكذا تجوز مساقاة القاضي ومقدمه وجازت مساقاة من ذكر لمحجورهم لأنه من جملة تصرفهم له، وللوصي أخذ حائط غيره مساقاة لمحجوره، وقوله:"مساقاة وصي" عطف على فاعل "جاز". ومدين بلا حجر يعني أنه يجوز للمدين أن يدفع حائطه مساقاة حال كون المدين بلا حجر، والمراد به قيام الغرماء، قال عبد الباقي: وجازت مساقاة مدين حائطه أي دفعه لعامل مساقى حالة كون الدين بلا حجر أي بلا قيام غرماء عليه لأنه ككرائه أرضه وداره ولا فسخ لغرمائه، بخلاف ما لو أكرى أو ساقى بعد قيامهم فلا يجوز ولهم الفسخ كذا للشارح، وما ذكره من أن الحجر النفي قيام الغرماء هو ظاهر المدونة كما في أبي الحسن، ولا إشكال فيه لأن الذي يمنع التبرع فقط إنما هو مجرد إحاطة الديون بماله، وأما قيام الغرماء عليه فيمنع التصرف مطلقا. راجع ما مر في الفلس. والله تعالى أعلم.
ودفعه لذمي لم يعصر حصته خمرا يعني أنه يجوز للمسلم أن يدفع حائطه لذمي مساقاة إن أمن أن يعصر الذمي حصته من الثمر خمرا وإلا فلا؛ لأن فيه إعانتهم على العُدْوَان وهو خلاف ما أمر الله به قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، ومن المدونة: لا بأس أن تدفع نخلك إلى نصراني مساقاة إن أمنت أن يعصر حصته خمرا. انتهى. ابن ناجي: قال بعض شيوخنا: ظاهر المدونة أنه محمول على عدم الأمانة حتى يثبت الأمن وهذا كله يفيد أنه لا بد من وجود الأمن، واعترض ابن العربي على أهل المذهب بأن أصل هذا الباب مساقاته صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، ولم يرو عنه أنه اشترط عليهم ذلك، وجوابه أن حالتهم التي كانوا عليها من الجهد والشدة وضيق العيش وقتل المصطفى صلى الله عليه وسلم لأهلهم وبغضه لهم كأنها شرط حكما، أو الظن الغالب حينئذ أمنهم من العصر ودفعه لمسلم يعصر حصته خمرا كذمي فيما يظهر بل أشد وكذا لحربيٍّ أو معاهد. قاله عبد الباقي.
وقال مفسرا للمص: وجاز لمسلم دفعه أي حائطه لذمي مساقاة حال كون الذمي لم يعصر أي تحقق المسلم أو ظن قويا أنه لا يعصر حصته التي يأخذها على العمل خمرا، ونحوه في المدونة ثم قال: وخرج بقولنا تحقق أو ظن قويا ما لو ظن غير قوي عصره فإنه يحرم، وكذا لو شك على مقتضى هذا ولكن الظاهر الكراهة قياسا على مسألة المغشوش المتقدمة وعلى ما ذكروه هنا من