لشخص على أن يبلغ السد إلى كذا فإذا بلغت كانت الرحا بينهما، فباع نصيبه قبل ذلك فتجاذبتها مع ابن رشد وظهر أن البيع غير جائز كالمغارسة، وإن ادعى أحد المتغارسين الصحة وادعى الآخر الفساد فالقول قول مدعي الصحة، وقيل القول قول مدعي الفساد لغلبته فيها، وإذا دفع رجل لرجل أرضه ليغرسها ويكون له بكل شجرة تنبت جعل مسمى فذلك جائز. انتهى.
وفي مسائل ابن رشد: سئل عن مغارس يغرس الأرض بجزء معلوم فيلقح غرسه ويقوم عليه العام والعامين. ثم يعجز عن العمل ويذهب إلى بيع ما عمل من رب الأرض أو من غيره ممن يقوم على المغارسة إلى تمامها بذلك الجزء الذي أخذها هو به، دقال: ذلك كله جائز ولا كلام لرب الأرض في ذلك إن أدخل في المغارسة غيره على شيء يأخذه منه. انتهى كلام ابن سلمون.
واعلم أن المغارسة الفاسدة إذا اطلع عليها قبل شروع العامل في عمله فإنها تفسخ ولا شيء لواحد منهما على الآخر، وإذا اطلع عليها بعد الغرس ومعالجته ففي ذلك طريقان: الطريقة الأولى وهي للمتيطي في نهايته وغيره أن ينظر لهذه المغارسة، فإن جعل فيها جزء للعامل من الأرض وفسدت من وجه آخر ككونها إلى أجل بعيد تثمر الشجرة قبله أو يخدمها العامل ما عاش ونحوه، فإنها تمضي ويترادان قيمة الأرض ويرجع عليه العامل بنصف قيمة عمله، نم قال: الطريقة الثانية وهي لابن رشد ومن تبعه أنه ينظر، فإن جعل للعامل فله قيمة غرسه أي الأعواد التي غرسها وضمله أي معالجته إلى يوم الحكم، وعبارة ابن رشد: وأما إذا جعل له جزءًا من الأرض على وجه لا يجوز في المغارسة مثل أن يقول له اغرس هذه الأرض وقم على الغرس كذا وكذا سنة أو حتى يبلغ كذا وكذا لأجل أو حد يكون الإطعام دونه، ففي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها أنها إجارة يرد عليه الغارس ما أخذه منها يريد من الثمرة المكيلة إن عرفت أو خرصها إن جهلت، قال بعد هذا: وهو القول الصحيح. انتهى. وعلى هذا فالغرس كله لرب الأرض ولا شيء للعامل إلا ما ذكر فيما تقدم من قيمة غرسه وقيمة عمله. انتهى.
واعلم أن الراجح من الطريقتين طريقة ابن رشد. والله تعالى أعلم. وقال صاحب التبيين والتشهير: وفسخت فاسدة بلا عمل وإلا فهل تمضي ويترادان قيمة الأرض؟ والعمل إن جعل للعامل جزءا وإن كان كذلك فله قيمة غرسه وعمله فقط، وإلا ففي كونه كراء فاسدا أو إجارة كذلك تردد.