قال البناني: اعلم أن المساقاة إذا وقعت فاسدة فإما أن يعثر عليها قبل العمل أو بعد الفراغ منه أو في الأثناء، فالحكم في الأولى الفسخ ولا شيء للعامل وفي الثانية إن خرجا منها إلى غيرها فأجرة المثل وإلا فمساقاة المثل، وأما الثالثة فيتكلم فيها على الفسخ وعدمه وعلى ما يكون للعامل إذا وقع الفسخ، حاصله أنهما إن خرجا من المساقاة إلى غيرها فالفسخ وللعامل أجرة مثله وإلا فلا فسخ وله مساقاة مثله، وقد رتب ابن الحاجب هذا الترتيب وذكر مسائل أجرة المثل ومساقاة المثل بجنب القسم الثاني في كلامه، فوقعت الإحالة في القسم الثالث في كلام على معلوم بخلاف المص، فإنه أحال في قوله:"إن وجبت أجرة المثل" على متأخر. انتهى. كلام البناني.
وقال عبد الباقي: ولما ذكر في توضيحه كأهل المذهب أن المساقاة إذا فسدت فإن وجب فيها أجرة المثل فسخت متى اطلع عليها وحاسب بما عمل للفسخ، وإن وجب فيها مساقاة المثل لم تنفسخ بعد الشروع في العمل لأنه إنما يدفع له من الثمرة، فلو فسخ عقده قبل طيبه لزم أن لا يكون للعامل شيء لما تقدم أنها كالجعل، ولأن أجرة المثل متعلقة بالذمة فلا يكون أحق بما عمل فيه في فلس ولا في موت ومساقاة المثل متعلقة بالحائط، فيكون العامل أحق به في الموت والفلس.
أشار المص لذلك بقوله: وفسخت فاسدة بلا عمل فاسدة نائب فاعل فسخت وهو صفة لمحذوف؛ أي مساقاة فاسدة يعني أن المساقاة إذا وقعت فاسدة وعثر على ذلك قبل العمل فإنها تفسخ ولا شيء للعامل حينئذ، ويصح في فاسدة النصب على أنها حال من الضمير في فسخت أي فسخت المساقاة حال كونها فاسدة بلا عمل وهو صفة لفاسدة والباء للملابسة. والله تعالى أعلم.
أو في أثنائه يعني أن المساقاة إذا وقعت فاسدة واطلع عليها في أثناء العمل أي قبل تمامه فإنها تفسخ إن وجبت فيها أجرة المثل، وسيأتي بيان ما تجب فيه أجرة المثل منها إن شاء الله تعالى، وإذا فسخت فله بحساب ما عمل وهذا إن عمل عملا له بال وإلا فكالعدم. انظر الشبراخيتي وغيره. وقوله:"أو في أثنائه" أي إن كانت مدة المساقاة سنة، بدليل قؤل: أو بعد سنة من أكثر يعني أن المساقاة الفاسدة إذا كانت مدتها سنتين أو أكثر واطلع عليها بعد كمال سنة فإنها تفسخ إن وجبت فيها أجرة المثل، وله بحساب ما عمل إن عمل عملا له بال وإلا فكالعدم، وقوله:"أو بعد سنة" داخل في قوله: "أو في أثنائها".