القراض والمساقاة والمغارسة؛ وقوله: بعضه يتبعض بتبعيضها، الضمير في بعضه عائد على العوض؛ والضمير في تبعيضها عائد على المنفعة، وإنما زاد قوله: بعضه، ليدخل في الحد قوله تعالى:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}؛ لأن هذه الصورة أجمعوا على أنها إجارة عوضها البضع وهو لا يتبعض، فلو أسقط بعضه لخرجت هذه الصورة من الحد فيكون غير منعكس، وهي إجارة شرعية كما أجاب به ابن عرفة نفسه. قاله الخرشي. وقال الحطاب: قال في القاموس: الأجر الجزاء على العمل كالإجارة مثلثة. اهـ. وقال القرافي في الذخيرة: يقال أجر بالمد والقصر، وأنكر بعضهم المد وهو منقول، قال: ولما كان أصل هذه المادة الثواب على الأعمال وهي منافع، خصصت الإجارة ببيع المنافع على قاعدة العرب (١) في تخصيص كل نوع تحت جنس باسم لتحصيل التعارف عند الخطاب، وقال البرزلي: قال الغرناطي: الإجارة تطلق على منافع من يعقل، والأكرية على منافع من لا يعقل، البرزلي: يريد اصطلاحا وقد يطلق أحدهما على الآخر، ففي غررها: وإن استأجرت منه دارا بثوب، إلخ. اهـ. وقال ابن عرفة: محمد: وهي جائزة إجماعا وقد يعرض لها الوجوب إذا لم يجد الإنسان قوته إلا ممن يستأجره.
وحكمة مشروعيتها التعاون ودفع الحاجات، وقد نبه الله على ذلك بقوله:{وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}. انتهى. وأركان الإجارة خمسة: المنفعة، وستأتي في قوله: بمنفعة، والؤجر، والمستأجر وقد أشار لهما بقوله:
صحة الإجارة بعاقد، وهو المؤجر والمستأجر؛ والعوض وإليه أشار بقوله: وأجرة وسكت عن الصيغة لوضوحها، وقوله: كالبيع؛ يعني به أن العاقدين للإجارة كالعاقدين للبيع والأجر الذي تباع به المنفعة كالمبيع المتقدم ذكره في قوله: وشرط للمعقود عليه طهارة لخ، ومعنى كلام المص أن شرط صحة الإجارة أن تصدر من مميزين؛ لأن المتعاقدين في البيع يشترط فيهما التمييز، ويشترط في الأجر أي العوض المأخوذ في مقابلة المنفعة ما يشترط في المعقود عليه في البيع، ويأتي للمص ما يفيد أنه يشترط في لزومها أن يكون العاقدان مكلفين رشيدين، فقوله: بعاقد، يشمل المستأجِر
(١) في الأصل: العرف والمثبت من الذخيرة ج ٥ ص ٣ ط دار الكتب العلمية.