للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: قال الحطاب: وسئل يعني ابن القاسم في العتبية عن الخياط الذي بيني وبينه الخلطة ولا يكاد يخالفني أستخيطه الثوب فإذا فرغ منه وجاء به أراضيه على شيء أدفعه إليه؟ قال: لا بأس بذلك. قال ابن رشد: وهذا كما قال لأن الناس استجازوه ومضوا عليه، وهو نحو ما يعطى الحجم من غير أن يشارط على عمله قبل أن يعمله، وما يعطى في الحمام، والمنع من هذا وشبهه تضييق على الناس وحرج في الدين وغلو فيه. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وقال تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ويدل على جوازه من السنة ما ثبت (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا من خراجه (١)). وكره النخعي أن يستعمل حتى يقاطع بشيء مسمى؛ وكره ذلك ابن حبيب أيضا، قال: ولا يبلغ التحريم والأمر في ذلك واسع. اهـ. ونقله ابن عرفة.

الثالث: قال الإمام الحطاب: قال في الذخيرة عن ابن يونس: إذا قلت: خطه بدرهم، وقال: بدرهمين، فخاطه فليس له إلا درهم. قاله ابن القاسم. وكذلك قول ساكن الدار. اه. معنى هذا الكلام أنه تأخر قول الساكن، وإذا تقدم قول الساكن فقال: اسكنها بدرهم، ثم قال رب الدار: بدرهمين، فإن القول قول رب الدار لا قول الساكن. قاله مقيده عفا الله عنه. بدليل قوله وفي النوادر قال مالك من رواية ابن المواز: من دفع ثوبا لخياط فقال: لا أخيطه إلا بدرهمين؛ وقال ربه: لا تخيطه إلا بدرهم، وجعله عنده فخاطه فليس له إلا درهم، وقال: ومن سكن منزلا فقال له ربه: بدينارين في السنة، وقال الساكن: لا أعطي إلا دينارا وإلا خرجت إن لم ترض: فسكن ولم يجبه بشيء حتى تمت السنة، قال: لا يلزمه إلا دينار. انتهى. ومسألة الخياط لا تشبه كراء المنزل، لأن رب الثوب لم يتول استيفاء المنفعة بنفسه، فلذلك لم يفرقوا فيها بين تقدم قول الخياط وقول صاحب الثوب، بخلاف المنزل فإن المستأجر تولى استيفاء المنفعة بنفسه مع علم رب المنزل بذلك، ففرقوا فيما بين تقدم قول الساكن وتأخر قوله عن قول صاحب المنزل. قاله ابن رشد في نوازل سحنون من جامع البيوع؛ وذكر فيه أيضا أن حكم ما ابتاعه المشتري من السلع بحضرة


(١) صحيح البخاري، كتاب البيوع، رقم الحديث ٢١٠٢