ابن الحاجب: فإن قامت بينة ففي سقوطه أي الضمان قولان لابن القاسم وأشهب، وعلى سقوطه ففي سقوط الأجرة قولان لابن القاسم وابن المواز. التوضيح: يعني ويتفرع على سقوط الضمان إذا قامت البينة على هلاكه مصنوعا في سقوط الأجرة قولان، فابن القاسم يسقطها ومحمد لا يسقطها، وحكاية المص الخلاف في الأجرة يستلزم أن تكون البينة قامت على هلاكه مصنوعا كما قلنا، والنقل أيضا كذلك. انتهى.
وإلا أن يحضره لربه بشرطه؛ يعني أن محل ضمان الصانع في مصنوعه إنما هو حيث لم يحضره بشرطه أي على الصفة التي شرطها عليه رب الشيء المصنوع ويدفع له الأجرة، وأما إن أحضره لربه على الصفة المشترطة ودفع له الأجرة فتركه عنده فادعى ضياعه أو تلفه فلا ضمان عليه، فإن لم يدفع له الأجرة ضمن. انتهى. وهذا الذي مشى عليه المص هنا هو للخمي، وهو مخالف لما مر عن ابن عرفة عند قوله: أوْ دَعاه لأخذه، فإنه قال: هذا إذا لم يقبض الأجرة. اهـ. وإن قبضها لم يضمن، فإنه كالصريح في نفي الضمان حيث قبض الأجرة وإن لم يحضره لربه. قال الرهوني: فهم ابن عرفة المدونة على خلاف ما فهمها عليه اللخمي وهو معترف بمخالفته، وقد ذكر ابن ناجي تأويلهما معبرا عن ابن عرفة ببعض شيوخنا على عادته، وزاد تأويلين آخرين، فقال عند قول المدونة: وإذا دعاك الصانع إلى أخذ الثوب وقد فرغ ولم تأخذه فهو له ضامن حتى يصل إلى يدك. اهـ. ظاهره وإن مكنه من أخذه ودفع إليه الأجرة وبه أقول لأن الأصل ضمانه فيستصحب، وقال اللخمي: يريد إن لم يحضره وإن (١) أحضره مصنوعا على ما شرط عليه وقد دفع الأجرة ثم تركه عنده لصار وديعة، واختار شيخنا حفظه الله تعالى أن الإحضار كاف وإن لم يدفع الأجرة، وقال بعض شيوخنا: معنى قولها أنه لم يأخذ أجرته ولو أخذها لم يضمن ولو لم يحضره فهو عكس ما يليه، فتحصل في حملها أربعة أقوال. انتهى منه بلفظه. وتأويل ابن ناجي بعيد جدا والظاهر تأويل ابن عرفة. انتهى المراد منه.
(١) عبارة اللخمي في التبصرة ج ١٠ ص ٤٨٧: ولو كان قد أحضره الخ.