للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله (١)). ولما ذكر اللخمي أن المركب إذا ثقل بالناس وخيف عليه الغرق فإنهم يقترعون على من يرمى، والرجال والنساء والعبيد وأهل الذمة في ذلك سواء، قال ابن عرفة عقبه: تعقب غير واحد نقل اللخمي طرح الآدمي لنجاة غيره، وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع، وقال بعضهم: لا يرمى الآدمي لنجاة الباقين ولو كان ذميا. انتهى.

وصدق إن ادعى خوف موت فنحر؛ يعني أن الراعي إذا جاء ببهيمة مذكاة، كما إذا جاء ببعير منحور وادعى أنه إنما نحره خوف موته، ونازعه المالك فإنه يصدق في ذلك ولا ضمان عليه. أو سرقة منحوره؛ يعني وكذلك يصدق الراعي أيضا إذا ادعى أنه خاف موت البهيمة فنحرها أو ذبحها وادعى سرقة ما نحره أو ذبحه ولا ضمان عليه. قال عبد الباقي: وصدق الراعي إن ادعى خوف موت فنحر أو ذبح وجاء بها مذكاة كما يفهم من قوله: أو سرقةَ منحوره؛ أي الراعي إذ العطف بأو يقتضي المغايرة، فلم يخل بقيد المجيء بها في الأولى، فإن ترك الذكاة حتى ماتت ضمن، فإن ذكى خوف موت وقال: أكلتها لم يصدق، وينبغي ما لم يجعل له أكلها كلها أو بعضها وأتى بباقيها وهو بمكان قريب يمكن مجيئه به والملتقط كالراعي يصدق إن ادعى خوف موت فنحر، وأما الأجنبي والمستأجر والمستعير والمرتهن والمودع والشريك فلا يصدق كل في دعواه تذكيته خوف موته لأنه شوهد منهم سبب التلف وهو التذكية وإنما ضمن الأجنبي وهو من ليس له فيها أمانة ولا إجارة ونحوها، ولم يضمن مارٌّ أمكنته ذكاته وذكى لأنه لما كان في الصيد أثر الجرح لم يكذب المار في دعواه التذكية خوف موت بخلاف الأجبني هنا. انتهى. وفي هذا التعليل نظر لاقتضائه أنه إذا كان في الشاة أثر أكل السباع أن الأجنبي يصدق، والذي عللوا به الصيد أنه لا يراد إلا لذلك غالبا. اهـ. وقال الرهوني: وصدق إن ادعى خوف موت فنحر، ظاهره ولو كانت صحيحة، وهو كذلك إن لم تقم قرينة على خلاف دعواه، قال اللخمي: فإن ذبح الراعي الشاة وكانت مريضة صدق قولا واحدا، وإن كانت صحيحة رأيت أن يصدق لأنه لا يتهم في ذلك إذ لا فائدة له فيه إلا أن يكون جرى بينه وبين صاحب الغنم شنئان فيتهم أن يقصد ضرره لذلك. اهـ.


(١) مجمع الزوائد، ج ٧، ص ٣٠١.