قال التتائي: وفسخت بتلف ما أي كل شيء يستوفى منه المنفعة، كموت دابة معينة، ولا تنفسخ بتلف ما تستوفى به المنفعة على الأصح. انتهى. وقال الخرشي: أشار بهذا إلى قول أهل المذهب: كل عين يستوفى منها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة، كموت الدابة المعينة وانهدام الدار، وكل عين تستوفى بها المنفعة فبهلاكها لا تنفسخ الإجارة على الأرجح كموت الشخص المستأجر للعين المعينة، ويقوم وارثه مقامه. انتهى. وقال الشبراخيتي: وفسخت بتلف أي حقيقة أو حكما كالأسر وسكون ألم السن وعفو القصاص ومرض صبي التعلم ومن معه مرضا لا يقدر معه على استيفاء ما استؤجر له، وإنما عبر بالتلف لأن الغالب أن التعذر إنما يكون بسبب التلف. انتهى. وقوله: ما يستوفى منه المنفعة إذا وقع العقد على عينه، وظاهر كلامه أنها تنفسخ بمجرد ذلك ولا يحتاج في ذلك إلى حكم حاكم ولا إلى تراضيهما على ذلك، وما موصولة، والموصول عندهم من صيغ العموم؛ أي بتلف الذي يستوفى منه، لا نكرة بمعنى شيء لأنها نكرة في سياق الإثبات، والنكرة في سياق الإثبات لا عموم فيها لا به أي لا تنفسخ بتلف ما تستوفى به المنفعة. اهـ. وقوله: لا به، اعلم أن في المسألة أربعة أقوال، قال ابن رشد: أحدها: وهو المشهور أن الإجارة لا تنتقض، وإليه ذهب ابن المواز. والثاني: تنتقض بتلفه بسماوي، وهو قول أصبغ وروايته عن ابن القاسم: ويكون له من كرائه بقدر ما سار من الطريق. الثالث: الفرق بين تلفه من قبل الحامل فتنتقض وله من الكراء بقدر ما سار، وبين تلفه بسماوي فلا تنتقض ويأتيه المستأجر بمثله، وهو قول مالك في أول رسم من سماع أصبغ.
الرابع: إن كان تلفه من قبل الحامل انفسخت ولا كراء له، وإن كان من السماء أتاه المستأجر بمثله ولم ينفسخ الكراء، وهو ورهب ابن القاسم في المدونة وروايته عن مالك انتهى باختصار على نقل مصطفى. ثم قال: إذا علمت هذا فإن حملت قول المص: لا به، على إطلاقه كان جاريا على ما شهره ابن رشد، وخالف مذهب ابن القاسم فيها وروايته فيما تلف بسبب حامله، وعلى هذا لا يفسر قول المص: أو عثر بدهن أو طعام لخ، بقولها: لا ضمان ولا كراء، خلافا لجد علي الأجهوري في تفسيره بذلك واستدلاله بكلامها؛ لأن المؤلف جار على غير ومذهبها، وإن قيد المص هنا بغير ما كان بسبب حامله جرى على مذهبها، وصح تفسير جد علي الأجهوري في قوله: أو