للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلم مما قررت أن الاستثناء من مفهوم قوله: إن لم ينقد، وهو متصل. واللَّه تعالى أعلم. وقال البناني: ومثل أبو الحسن لمأمونة أرض المطر بأرض المغرب، قال: لأن الغالب فيها المطر، وزعم التتاني أن وصف أرض النيل بالأمن غير ضروري لأنه صفة لازمة موضحة، قال مصطفى: وهو غير صواب لقول ابن رشد في المقدمات: فما كان مأمونا كأرض النيل وأرض المطر المأمونة وأرض السقي بالأنهار والعيون والآبار فالنقد فيها الأعوامَ الكثيرة جائزٌ، وما كان منها غير مأمون فلا يجوز النقد فيه إلا بعد أن تَروَى وتَمَكَّنَ من الحرث كان من أرض النيل أو المطر أو السقي. اهـ. ومراده بالجواز وعدمه مع الشرط، وعلم من كلام ابن رشد أن غير المأمونة يجوز النقد فيها مع الشرط سنة واحدة بعد الري والتمكن من الحرث. اهـ.

كالنيل والمعينة، تشبيه يعني أنه يجوز النقد بشرط في أرض النيل والمعينة بفتح الميم وكسر العين، هي التي تسقي بالعين النابعة والآبار المعينة، وقد مر عن ابن رشد ما يفيد أن قوله كالنيل في المأمونة. وقوله: فيجوز؛ أي النقد بشرط، صرح به وإن استفيد من الاستثناء ليفرق بين النقد الجائز والواجب في قوله:

ويجب في مأمونة النيل إذا رويت؛ يعني أنه يجب النقد أي يقضى به في أرض النيل المأمونة إذا رويت، واحترز بالمأمونة عن غير مأمونة النيل كالمرتفعة التي لا يبلغها النيل غالبا. قاله التتائي. أي فلا يقضى بالنقد فيها إذا رويت، هذا معناه عندي، وعندي أنه غير مسلم لما يأتي واللَّه تعالى أعلم، قال الشبراخيتي: ويجب النقد في مأمونة النيل إذا رويت لعدم احتياجها للسقي وتمكن (١) ويدل له ما يأتي من قوله: ولزم الكراء بالتمكن، وحقه أن يقول: في أرض النيل إذا رويت؛ إذ كلامه يقتضي أن غير المأمونة من أرض النيل إذا رويت لا يجب فيها النقد وليس كذلك، وقوله: إذا رويت؛ أي تحقق ريها وإن لم ترو بالفعل. انتهى. وقال عبد الباقي: ويجب في مأمونة النيل إذا رويت بالفعل أو تحقق ريها كري المرتفعة عنها وانخفاضها وتمكن، بدليل قوله: ولزم الكراء بالتمكن. اهـ. وغير المأمونة من أرض النيل هي التي لا يبلغها النيل غالبا لعلوها. قاله الخرشي.


(١) كذا في الأصل وفي الشبراخيتي وتمكنه.