سمعت من مالك ولم أسمع منه إذا انتقد، والحكم عندي سواء فيهما، واعترض هذا التأويل بقول الإمام: إن رب الأرض والدابة والدار مصدق في الغاية فيما يشبه وإن لم ينتقد؛ إذ هذا الكلام يظهر منه أنه مصدق إذا انتقد من باب أولى، وهذا يعطي سماعه للوجهين. قاله الحطاب فالإمام سواء النقد وعدمه عندة في الأوجه الأربعة فيفسخ الباقي عنده في جميعها، والغير يقول إذا انتقد وأشبها أوأشبه المكري لا يفسخ بقية المدة والقول لرب الأرض والدار، ويوافق في الوجهين الأخيرين، وهما: ما إذا نقد ولم يشبها، أوأشبه المكتري فقط، كما يوافق في جميعها حيث لم ينقد، واختلف في قول ابن القاسم: وهذا إذا لم ينتقد هل هو خلاف لقول الإمام موافق للغير؟ أو موافق للإمام مخالف للغير، وهو معترض كما علمت. وحاصلُ هذا الإيضاح أن تقول: وإن نقد وأشبها أو أشبه المكري فقط فتردد، هل هو كما مر فيما إذا لم ينقد؟ فيفسخ بقية المدة، فيوافق قول ابن القاسم قول الإمام، أو لا فسخ في الوجهين حيث نقد، فيخالف ابن القاسم الإمام ويكون موافقا للغير، وأما إذا نقد ولم يشبها أو أشبه المكتري فقط فحكم ذلك كما مر فيما إذا لم ينقد. واللَّه سبحانه أعلم.
تنبيه: قال ابن الحاجب: وكل من أوصل نفعا من عمل أو مال بأمر المنتفع أو بغير أمره مما لا بد له منه بغرم فعليه أجرة العمل ومثل المال، بخلاف عمل يليه بنفسه أو بعبده، أو مال يسقط مثله عنه، التوضيح: أوصل يريد ولو بغير قصد كما قالوا فيمن حرث أرض غيره أو حصد زرعه أو قطع ثوبه أو خاطه أو طحن قمحه بغير أمره، ومثال المال لو أنفق على زوجته أو ولده أو عبده، وسواء كان ذلك بأمر المنتفع أو بغير أمره، وقوله: من عمل أو مال، تبيين للنفع، وقوله: مما لا بد له منه؛ أي بشرط أن يكون ذلك الواصل مما لا بد منه للمنتفع به، وقوله: منه بغرم، شرط فيما يرجع به، واحترز به من أن يعمل عملا لا يحتاج إليه أو يتولاه صاحبه بنفسه فلا غرم عليه، أو ينفق على من لا يلزمه الإنقاق عليه، أو ينفق أكثر من القدر المحتاج إليه؛ المازري: ولا خلاف فيه إذا كان ربه ممن يتولاه بنفسه، وإلا فقد ذكروا خلافا فيمن خاط مثلا