أيضا التأهل، فلم اقتصر على اشتراطه في الجاعل فقط الدافع للعوض، وأجيب أيضا بأنه اقتصر عليه لأنه الذي يظهر فيه فائدة لزوم العقد بَعْدَ الشروع في العمل، وأما المجعول له فلا يتوجه عليه اللزوم لا قبل العمل ولا بعده، وإنما اقتصر من شروط العوض على قوله: علم، مع أنه يشترط فيه أيضا كونه طاهرا منتفعا به مقدورا على تسليمه لدفع توهم اشتراط جهلة كالمجاعل عليه؛ إذ من شرطه أن يجهَلا مكانه، فإن علمه أحدهما لم يجز، ثم إن علمه الجاعل فقط فللعامل الأكثر من الجعل وأجرة المثل، وإن علمه العامل فقط فلا شيء له، وقال ابن القاسم في العتبية: له بقدر تعبه وعنائه، المتيطي: ومن ادعى عدم العلم منهما فالقول قوله كما هو الأصل، إذ الأصل في العقود الصحة، وينبغي إذا علماه أن له جعل مثله نظرا لسبق الجاعل بالعداء. اهـ كلام عبد الباقي. قوله: ولكن في اللخمي لخ، نسبة الزرقاني للخمي صحيحة، وقوله: وينبغي إذا علماه أن له جعل مثله نظرا لسبق الجاعل بالعداء، تأمل هذا التعليل مع حكمه بأن له جعل المثل؛ إذ المناسب لذلك أن يكون له الأكثر من المسمى وأجرة المثل. قاله الرهوني. وقوله: إذ من شرطه أن يجهلا مكانه، يوهم أن الجعل من حيث هو يشترط في صحته جهل المجاعل عليه، وليس بصحيح ولا قائل به، وإنما الذي في كلام أهل المذهب أنه لا يشترط كونه معلوما، بخلاف عمل الإجارة، وبجلب كلامهم يتبين ذلك، قال ابن عرفة: والعمل في الجعل لا يشترط علم متعسره بخلاف متيسره كل المذهب جوازه مع جهلهما ناحيته، بخلافه على استخراج الماء من الأرض، ففي المدونة: يجوز بعد معرفة ماء الأرض وقربه وشدتها ولينها، فإن لم يعرف ذلك لم يجز لأنه جهل لا تدعو الضرورة إليه، وهو نص نقل ابن فتوح عن الذهب. ابن الحاجب: العمل كعمل الإجارة إلا أنه لا يشترط كونه معلوما، فإن مسافة الآبق والضالة غير معلومة، ابن عبد السلام: كلامه يوهم العموم في كل أنواع عمل الجعالة وليس كذلك، بل مذهب المدونة لا يجوز الجعل على حفر البئر إلا بعد خبرتهما الأرض معا. ابن عرفة: ما نسبه ابن عبد السلام لابن الحاجب من إيهام العموم مثله لفظ المقدمات والتلقين. ابن رشد: لا يجوز الجعل في طلب الآبق إلا باستوائهما في الجهل بمحله، ومن علمه منهما دون صاحبه فهو غار له، كبيع الصبرة جزافا لا يجوز إلا باستوائهما في جهل قدره، فإن كان المجعول له يعلم ذلك في الآبق والضالة دون