للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيهما تعمير داثر الأرض وهو كذلك، وكلام المص لا يخالف ذلك لأنه جعلهما مما يحصل به الاختصاص الذي الإحياء من أقسامه، ولم يجعلهما من أفراد الإحياء الذي التعريف له فهما قسيمان للإحياء لا قسمان منه قاله الشبراخيتي.

تنبيهات: الأول: قدم المص الموات على الإحياء لتقدم الموات على الإحياء في الوجود، وقوله: موات الأرض، من إضافة الصفة للموصوف أي الأرض الموات أي الميتة، والمَوات بفتح الميم، وقوله: بعمارة، الباء للسببية. الثاني: اعترض بناني قوله: ولو اندرست، بأن صوابه وإن لدفع التوهم فليست لو للخلاف وقد مر الجواب عن المص وأنها للخلاف المخرج. الثالث: قد مر أن العمارة إذا كانت ناشئة عن إحياء واندرست فإن الاختصاص يزول عن الأرض وترجع مواتا، ومحل ذلك كما مر إن طال أمد الاندراس فإن لم يطل الأمر فقال عبد الباقي: ثم إن إحياء الثاني قبل طول إن كان عن جهل بالأول فله قيمة عمارته قائمة للشبهة، وإن كان عن [معرفته] (١) به فليس له إلا قيمة عمارته منقوضة بعد يمين الأول أن تركه إياه لم يكن إسلاما له وأنه كان على نية إعادته. قاله ابن رشد. قال الحطاب: وينبغي أن يقيد بأن لا يكون الأول علم بعمارة الثاني وسكت عنه وإلا كان سكوته دليلا على تسليمه إياه. فتأمله. واللَّه أعلم. انتهى. وفي المدونة: من أحيا أرضا ميتة ثم تركها حتى دثرت وطال زمانها وهلكت أشجارها وانهدمت آبارها وعادت كأول مرة ثم أحياها غيره فهي لمحييها آخرًا. ابن يونس: قياسا على الصيد إذا أفلت ولحق بالوحش وطال زمانه فهو للثاني. قال مالك: وهذا إذا أحيا في غير أصل كان له فأما من ملك أرضا بخطة أو شراء ثم أسلمها فهي له وليس لأحد أن يحييها. انتهى. نقله المواق.

الرابع: الأصل في الإحياء قوله صلى اللَّه عليه وسلم (من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق (٢)). قاله بناني. وقال الخرشي: والأصل فيه ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللَّه عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (من أعمر أرضا ميتة


(١) في عبد الباقي ج ٧ ص ٦٥: معرفة به.
(٢) الموطا، كتاب الأفضية، رقم الحديث ٢٦. وأبو داود، كتاب الخراج والفيء والإمارة، رقم الحديث ٣٠٧٣.