للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

التتائي: ولم يعتمد المؤلف على ما وقع من التحديد، فعن سحنون: حريم البئر والأرض والدار والوادِ في أرض غير مملوكة عشرون ذراعا، وقيل: ستون. وقال ابن نافع: حريم البئر العادية خمسون، والتي ابتدأ عملها خمسة وعشرون. وعكس ذلك أبو مصعب، وزاد: وحريم بير الزراعة خمس مائة ذراع، وحد النهر ما لا يضر بمن يرده. انتهى. وفي المدخل: حد النهر ألف ذراع، ثم قال: ولم يحد مالك في ذلك حدا إلا ما يضر بالناس، فعلى هذا لو كان أكثر من ألف ذراع إذا أضر بهم منع لخبر (لا ضرر ولا ضرار (١))، وعكسه إن كان أقل ولم يضر بالناس لم يمنع، ثم حكى عن ابن هبيرة اتفاق الأئمة الأربعة على أن الطريق لا يجوز تضييقها. انتهى. ثم رتب هو على ذلك أن البناء على النهر أكثر ضررا وأشد من تضييق الطريق؛ لأن الطريق يمكن المرور فيها مع تضييقها بخلاف النهر، فمن بنى عليه كان غاصبا له لأنه موردة للمسلمين، فإذا جاء أحد يَرِدُ الماء احتاج أن يدور من ناحية بعيدة حتى يصل إليه وليس عليه ذلك، فكان من أحوجه إلى ذلك غاصبا لخبر: (من أخذ شبرا من أرض طُوِّقَه يوم القيامة إلى سبع أرضين (٢)). رواه الشيخان. انتهى. وقال الشبراخيتي: ثم إن عدم الضرر بالماء حريم لكل بير وتزيد بير الماشية ما لا يضيق على الوارد لها، فقول التتائي الأول في بير الماشية والثاني في غيرها فيه نظر. انتهى. وقوله: لبير، في بعض النسخ لكبير باللام والكاف جميعا وهي واضحة لشمولها الغدران والبرك والأنهار في ذلك ولا كذلك تلك النسخة الأولى.

وما فيه مصلحة لنخلة؛ يعني أن حريم النخلة هو قدر ما يرى فيه مصلحتها ويرجع في ذلك لأهل المعرفة، ولا مفهوم لنخلة، ولو قال: لشجرة، كان أشمل وإنما ذكر النخلة لأن أصل (الحديث) إنما ورد فيها فذكرها تبركا بالحديث. قاله الخرشي. وقال عبد الباقي: وما فيه مصلحة عرفا حريم لِنخلةٍ وشجرة، واقتصر على النخلة لأن أصل الحديث إنما ورد فيها فذكرها تبركا به. انتهى. وقال الشبراخيتي: وما فيه مصلحة لنخلة ويرجع في ذلك لأهل المعرفة، ولا مفهوم له أي نخلة أو زيتونة أو كرمة أو جميزة أو نحو ذلك، ولو قال: لشجرة، لكان أشمل.


(١) الموطأ، كتاب الأقضية، الحديث ١٤٦١.
(٢) البخاري، كتاب بدء الخلق، رقم الحديث ٣١٩٨. ومسلم، كتاب المساقاة، رقم الحديث ١٦١٠.