للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإمام على المشهور في المذهب، وقيل: إن الاستيذان للإمام في ذلك مستحب وليس بواجب. اهـ. وأما القريب الذي في إحيائه ضرر كالأفنية التي يضر أخذ شيء منها بالطريق وشبه ذلك فلا يجوز إحياؤه بحال ولا يبيح ذلك الإمام. واعلم أن إذن الإمام في الإحياء ليس إقطاعا لأن الإذن في الإحياء والإقطاع حقيقتان.

تنبيهات: الأول: قال في المنتقى: من أحيا أرضا في الفيافي فليس لغيره أن يحيي ما قرب منه إلا بإذن الإمام. قاله سحنون في المجموعة. قال: لأنه صار بالإحياء عمرانا فلا يعمر بقربه إلا بإذن الإمام انتهى ونقله ابن عرفة وقبله، وقد نقل في النوادر كلام المجموعة وسلمه، والمراد بذلك الإحياء بالسكنى كما يدل عليه كلامهم، وصرح بذلك أبو علي. الثاني: قال في النوادر: قال ابن كنانة: فيمن نزل منزلا فيبني فلم يعمر غير منزله فأراد رجل أن ينزل إلى جانبه فمنعه، قال: ليس له أن يمنعه، وليس للثاني أن يضر به فيما عمر، وليس للحريم حد إلا ما يمنع من الضرر. اهـ. وقال اللخمي: وإذا أحيا الأول بالسكنى فأراد الثاني أن يحيي ليسكن، وأحب الأول أن يبعد عنه. فقال: تكشفني إن كنت قريبا، كان ذلك له، وقد قضى عمر بن عبد العزيز في ذلك أن ينزل عنه نحو مائة ذراع، قال: حيث لا تتبين امرأة ولا يسمع كلام الحي وإن شكا أنه يضيق عليه في المرعى أبعدَ عنه، ورأى أن يُبَعدَ إذا خاف الكشف أكثر من مائة ذراع، ولا يضيق على النساء في تصرفهن هناك؛ ونقله ابن عرفة مختصرا، وقال عقبه: هذا الذي ذكره اللخمي كأنه المذهب عنده خلاف ما تبع فيه ابنُ شأس وابن الحاجب الغزاليَّ وجعلاه المذهب، وهو قولهما: حريم المحفوفة ما يرتفق به من مطرح تراب ومصب ميزاب، والحق عندي أن الإحياء إن كان أذن الإمام فيه أو مقتضى حال الموضع المُحيا فيه جعل ذلك الموضع مدينة أو قرية لا تتقرى غالبا إلا باجتماع الساكنين واتصال مساكنهم فالحق ما قاله ابن شأس وابن الحاجب، وإن لم يكن الأمر كذلك كما ذكر لي عن مساكن أهل الجبال كجبال زواوَة ونحوها فالحق ما قاله اللخمي. اهـ. ونقله أبو علي وقال: وجمع ابن عرفة ظاهر لا رد له، ثم قال بعد بقريب: وكلام اللخمي أصله في النوادر. اهـ.