لا يخلو في الغالب عن الكذب والفواحش والتزيين بالباطل، ولو سلم من ذلك فأقل ما فيه اللغو أو الهذر، والمساجد منزهة عن ذلك لقوله تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، ولقوله صلى الله عليه وسلم:(إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي للذكر وللصلاة ولقراءة القرآن (١)). اهـ.
الثاني: قال الطرطوشي: ولم أرَ لمالك شيئا في كتابة المصاحف في المساجد، قال: فأما الرجل المتقي الذي يصون المسجد ويكتب المصاحف فظاهره الجواز. اهـ.
وهتف بميت، يعني أن يكره الهتف بالميت أي النداء في المسجد أو بابه بموت الميت إعلاما به، قال عبد الباقي: وكره هتف أو صياح بمسجد أو بابه إعلاما بميت أي بموته، وأما بغير صياح بل بصوت خفي فجائز، كما قدم الأمرين في الجنائز حيث قال عاطفا على ما يكره: ونداء به بمسجد أو بابه، لا بكحلق بصوت خفي. اهـ. خلافا لقول ابن الحاج: يجوز ببابه عند انصراف الناس. اهـ. وقال الخرشي: أي ومما هو مكروه الهتف بالميت في المسجد أو على بابه بأن يقول: أخوكم فلان قد مات بصوت يجهر به على سنة الجهر، وأما في المسجد بصوت خفي فجائز، فالهتف الصياح أي الإعلام بموته أي رفع الصوت بذلك في المسجد أو بابه، يقال: هتفت الحمامة تهتف هتفا وهتف به أي صاح، ولا يسوغ تفسير المص هنا بما مر عن ابن الحاج، وكلام الشارح غير ظاهر.
ورفع صوت، يعني أن رفع الصوت في المسجد مكروه كان رفعه بعلم أو بغيره، قال ابن مسلمة: رفع الصوت ممنوع في المساجد إلا ما لا بد منه كالجهر بالقرآن في الصلاة والخطبة والخصومة تكون من الجماعة عند السلطان فلا بأس به، ولا بد لهم من مثل هذا، وهذا إنما يكون في القراءة على وجه، كالإمام يجهر بالقراءة والمتنفل بالليل وحده، وأما جهر بعضهم على بعض بالقراءة فممنوع. قاله المواق. وقال الشبراخيتي: وكره فيه رفع صوت ولو بالقرآن، ويستثنى من ذلك رفع الصوت بالتلبية في مسجد مكة ومنى، فإن المشهور جواز ذلك فيهما، وتقدم: وجاز رفع صوت