للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن لم يتراضوا بتبدئة بعضهم على بعض أقرع بينهم لأجل التشاح في السبق، أي لأجل عدم تراضيهم على من يبدأ به منهم في أخذ نصيبه من الماء، أي إرسال النهر على زرعه أو غرسه، وإذا أقرع بينهم فمن خرج اسمه أولا بدئ به ويجرى له الماء إلى أن ينتهي قلده، ولا يتقيد ذلك بالكعبين، وفي كلام عبد الباقي نظر ظاهر، قال الشبراخيتي مفسرا للمص: أي أن الشركاء في ملك الماء إذا تشاحوا في التبدئة فإنه يقرع بينهم فمن خرج اسمه أولا بدئ به ثم الذي يليه وهكذا، وصفة القرعة أن تجعل أوراق بقدر عدد الشركاء ويكتب في كل ورقة اسم واحد من الشركاء، ثم يعطى الأوراق واحدة واحدة لهم فمن خرج اسمه في الذي أعطيت أولا بدئ به، ثم لمن خرج اسمه في الذي أعطيت ثانيا، وهكذا.

ولا يمنع صيد سمك، يعني أنه لا يجوز لأحد أن يمنع أحدا من أن يصيد سمكا من ماء الأودية والأنهار إن لم يكن ذلك في ملك أحد، لأن الماء لما كان غير مملوك والصيد غير مملوك كانا كسائر المباحات، فمن سبق إليه فهو أحق به سواء طرح فيه فتوالد أو جره الماء إلى تلك الأرض. وَإن من مُلْكِه. يعني أنه لا يجوز لأحد أن يمنع أحدا من أن يصيد سمكا حيث لم يكن في أرض مملوكة بل وإن كان الماء الذي فيه السمك في أرض مملوكة، فليس للمالك أن يمنع من صيد السمك في الماء الذي هو في أرض مملوكة له، وقوله: من حرف جر، فما قبل المبالغة حيث لم يكن الماء في ملكه لكونه في أرض غير مملوكة، بل وإن كان الماء من جهة ملكه، وقوله: وإن من ملكه شامل لملك الذات ولملك المنفعة فقط كأرض العنوة فإنها توقف بمجرد الاستيلاء، وإنما تقطع إمتاعا لا ملكا، وإنما لم يمنع صيد السمك من ملك وجاز له منع ماء يملكه كما مر لجهل قدر السمك ولأنه يقل ويكثر كما يفيده الشارح، بخلاف الماء لانضباطه غالبا. قاله عبد الباقي. وفي هذا التعليل عندي شيء لأن هذا إنما يظهر في البيع. والله تعالى أعلم. وهل عدم المنع في الأرض المملوكة منفعتها دون ذاتها كأرض العنوة بفتح المعين فقط صاد المالك أم لا، وأما الأرض المملوكة ذاتها فللمالك أن يمنع من أراد أن يصيد فيها من الصيد أراد المالك الصيد أم لا، أو عدم المنع حاصل مطلقا في أرض العنوة وغيرها إلا أن يصيد المالك أي يريد الصيد فله المنع من ذلك تأويلان، الأول لابن الكاتب، والثاني قال ابن يونس: لغيره من شيوخنا القرويين. اهـ. والتأويلان على قول المدونة، قال ابن القاسم: سألت مالكا عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى أراد أهلها بيع سمكها لمن يصيد فيها؟ قال مالك: لا يعجبني أن تباع لأنها تقل وتكثر ولا أحب لأحد أن يمنع أحدا