للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رب الأرض عنه فيهما. اهـ. ودليل هذا ما في الحديث: (لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (١)). فهو دليل على أن الكلأ لا يجوز منعه. لم يكتنفه زرعه، يعني أن محل عدم المنع أي منع رعي الكلإ في الفحوص والعفاء ما لم يكتنفه زرعه، أما إذا كان ذلك مكتنفا بزرعه بحيث يكون عليه الضرر في تخلص الناس إليه بمواشيهم ودوابهم ذهابا وإيابا فله حينئذ أن يمنع من رعيه خيفة على زرعه، وفي الصحاح: العفاء بالمد الدروس والهلاك، ولا يتورك على المص بهذا إذ يطلق العفاء على نفس الأرض، ففي النهاية لابن الأثير في الحديث: (أقطع من أرض المدينة ما كان عفاء (٢)). أي ما ليس لأحد فيه أثر، من عفا الشيء إذا درس ولم يبق له أثر. يقال: عفت الدار عفاء. وقد فسر ابن فرحون في شرح ابن الحاجب العفاء هنا بالدارس من الأرض التي لا تزرع. قاله بناني. والأرض المحظرة لصاحبها منعها من الرعي فيها. قال ابن رشد: وأما الأرض إذا كانت محظرة فلا اختلاف فيما إذا كان فيها كلأ أن صاحبها أحق بها له أن يبيعه ويمنعه احتاج إليه أو لم يحتج إليه. اهـ.

بخلاف مرجه، يعني أن الكلأ النابت في المرج مخالف لحكم الكلإ الذي بالفحص والعفاء، فلصاحب المرج أن يمنع من رعي ما نبت فيه من الكلإ، والمرج الموضع الذي ترعى فيه الدواب، يعني أن محل رعي دوابه له أن يمنع من رعي ما فيه من الكلإ وله بيعه. وحماه، أي له أن يمنع ما نبت من الكلإ في حماه وله بيعه، والحمى الموضع الذي بوره من أرضه للمرعى، وهو عطف تفسير على مرجه، وهذه الأقسام الأربعة، والخامس الذي هو المحظر عليه في الأرض المملوكة، وأما الفيافي فالناس فيها سواء اتفاقا، واختلف فيمن سبق إلى موضع فتركه ورعى ما حوله فقيل: هو والناس فيه سواء، وهو قول ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة، وقيل: يكون أحق بقدر حاجته، وقيل: إن حفر بيرا فهو أحق. قاله المغيرة. وهو أعدل الأقوال وأولاها بالصواب ت لأنه لا يقدر على المقام إذا لم يكن في ذلك الموضع مرعى، فتذهب نفقته في البير باطلة.


١ - الموطأ، كتاب الأقضية، رقم الحديث ٢٩.
٢ - النهاية، ج ٣ ص ٢٦٦.