للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعدهم وهلم جرا إلى يوم القيامة، وما حبسوا من أموالهم، لا يطعن فيها طاعن، وهذه صدقات النبي صلى الله عليه وسلم سبعة حوائط، ولا ينبغي للمرء أن يتكلم إلا فيما أحاط به خبرا، وبهذا احتج مالك رحمه الله تعالى لما ناظره أبو يوسف بحضرة الرشيد، فقال: هذه أحباس رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقاته ينقلها الخلف عن السلف قرنا بعد قرن، فقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة يقول: إنها غير جائزة، وأنا أقول: إنها جائزة، فرجع في الحال عن قول أبي حنيفة إلى الجواز، قال الباجي: وهذا فعل أهل الدين والعلم في الرجوع إلى الحق حين ظهر وتبين. اهـ.

تنبيهات: الأول: قال الشبراخيتي: قوله: صح ويلزم إن وقع من مسلم، وأما من الكافر فلا يلزمه وقفه اتفاقا ولو حِيزَ عنه، وله أن يرجع فيه متى شاء بخلاف هبته وصدقته وعتقه. اهـ. المراد منه. الثاني: احترز بالمملوك من وقف الفضولي فإنه لا يصح كما يفيده كلام القرافي وغيره بخلاف بيعه. قاله الشبراخيتي. الثالث: شمل قوله: مملوك المشاع، قال بناني: وقد حصل ابن عرفة في تحبيس المشاع ثلاثة أقوال، الأول: الجواز مطلقا لظاهر المدونة وظاهر سماع ابن القاسم ونص ابن زرب؛ والثاني: وقفه على إذن شريكه فيما لا ينقسم فإن أذن له وإلا بأن لم يأذن له بطل، لِلخمي عن المذهب، والثالث الجواز مطلقا، ويجعل الحظ المحبس مما لا ينقسم في مثل ما حبسه فيه، لابن حبيب عن ابن الماجشون. اهـ. وعبارته تعطي أن الخلاف في جواز التحبيس من غير إذنه ابتداء، وكلام التوضيح وغيره صريح في أن محل الخلاف هو النفوذ بعد الوقوع والنزول، وأما ابتداء فلا يجوز الإقدام على تحبيس ما لا ينقسم دون إذن الشريك، فانظره. قال الشيخ سيدي عبد القادر الفاسي في جواب له بعد نقول: فإذا تقرر هذا فقول ابن الماجشون هو جواز الإقدام على تحبيس المشاع مطلقا انقسم أم لا، وعدم التوقف على إذن الشريك، فإن رضي الشريك بذلك [فظاهر (١) فإنه] يبقى شريكا للحبس أو يبيع وحده أيضا على الإشاعة إن شاء، وإن لم يرض بيع ويجبر على جعل الثمن بمثله، وعلى هذا القول استمر عمل فاس، ونفذت به أحكام


١ - في البناني ج ٧ ص ٧٤: فظاهر انه يبقى.