للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث: (أسلمت على ما أسلفت من خير (١)) قاله الخرشي. الثاني: اعلم أنه يجب أن يتبع قول المحبس في وجوه تحبيسه، فما كان من نص جلي لو كان حيا فقال: إنه أراد ما يخالفه لم يلتفت إلى قوله ووجب أن يحكم به ولا يخالف أحد فيه إلا أن يمنع منه مانع من جهة الشرع، وما كان من كلام محتمل لوجهين فأكثر حمل على أظهر محتملاته إلا أن يعارض أظهرها أصل فيحمل على الأظهر من باقيها إذا كان المحبس قد مات ففات أن يسأل عما أراد بقوله من محتملاته فيصدق فيه إذ هو أعرف بما أراد وأحق ببيانه من غيره. انتهى. قاله ابن رشد. فعلم منه أنه إذا كان حيا وفسر اللفظ بأحد احتمالاته قبل تفسيره ولو كان خلاف الظاهر، ولا يقبل قوله في التصريح (٢) إن ادعى أنه أراد خلاف معناه. والله أعلم. قاله الحطاب.

وإن لم تظهر قربة، يعني أن الوقف من مسلم على الذمي أي الذي تحت ذمتنا يصح وإن لم تظهر فيه قربة كما إذا وقف المسلم على أغنياء الذميين وأجانبهم من المواقف لأن الوقف من باب العطايا والهبات لا من باب الصدقات، وجاز إن كان لصلة رحم وإلا كره، والكراهة لا تنافي الصحة، واعلم أن المنفي ظهور القربة لا أصلها.

أو يشترط تسليم غلته من ناظره، عطف على قوله: لم تظهر، لا على مدخول لم، يعني أنه يصح الوقف ولو شرط المواقف على الناظر أنه يسلم له غلة الوقف ليصرفها الواقف في مصارفها الشرعية، لأن شرط الواقف قبضَ الغلة لا يبطل حوز الوقف، ومفهوم ليصرفها أنه لو كان ليأكلها لا يكون الحكم كذلك فيبطل الشرط ويصح الوقف كذا ينبغي، نقله الخرشي، ونقل الناصر اللقاني أنه يشترط في ناظر الوقف ما يشترط في الوصي. قاله الخرشي أيضا.

أو ككتاب عاد إليه بعد صرفه في مصرفه، عطف على لم تظهر فهو من حيز المبالغة، يعني أن من وقف كتابا على طلبة العلم وصرفه في مصرفه فقد صح الوقف فإذا عاد ذلك الكتاب إلى يد واقفه للانتفاع أو للحفظ فإن ذلك لا يضر في حوز الكتاب لأنه ما عاد إليه إلا بعد صحة الحوز، فالضمير في صرفه ومصرفه للكتاب، وقد نص اللخمي على أن حكم الكتب تحبس ليقرأ فيها


١ - مسلم، كتاب الايمان، رقم الحديث ١٢٣ والبخاري، كتاب الزكاة، رقم الحديث ١٤٣٦ ولفظه أسلمت على ما سلف من خير.
٢ - في الحطاب ج ٦ ص ٢٢٩ ط دار الرضوان: الصريح.