كل إما أن يكون على معين أم لا، فأما إن كان على معين فإن عاد إليه قبل عام ومات وهو بيده بطل الوقف، وإن عاد إليه بعد عام فلا إشكال في صحة الوقف، وإن كان على غير معين فإن أخرج من يده في مصرفه وعاد إليه قبل عام صح الوقف على ما مر، فإن عاد إليه بعد عام فالصحة بينة، فإن لم يخرجه من يده حتى مات بطل الوقف كان على معين أو غيره، كان للموقوف غلة أم لا؟ وفي المدونة: وأما من حبس في صحته ما لا غلة له مثل السلاح والخيل وشبه ذلك فلم ينفذها ولا أخرجها من يده حتى مات فهي ميراث، وإن كان يخرجه في وجوهه ويرجع إليه فهو نافذ من رأس ماله، وإن أخرج بعضه وبقي بعضه فما أخرج فهو نافذ وما لم يخرج فهو ميراث، وأما ما حبس في صحته أو تصدق به على المساكين من حائط أو دار أو شيء له غلة فكان يليه ويفرق غلته في كل عام على المساكين ولم يخرجه من يده حتى مات لم يجز ذلك، وقال عبد الباقي: أو ككتاب عاد إليه بعد صرفه في مصرفه، أي بعد صرف جميعه كما هو المتبادر منه ولو مفرقا حتى تم فإن ذلك لا يضر في الحوز ولا يبطله، بل الوقف صحيح، فإن صرف بعضه في مصرفه صح فيه الوقف وإن قل. انتهى. وما لم يصرفه لا يصح إن كان فوق الثلث فإن كان الثلث فدون فيتبع الأكثر. انظر الرهوني.
تنبيه: سئل ابن أبي زيد عمن حبس كتبا لله تعالى ثم باعها وحبسها الثاني هل يكون فوت أو ترد إلى تحبيس الأول؟ فأجاب: إن قدر على نقض البيع ورده قبل موت البائع فعل ويبقى حبسا، وإن لم يقدر حتى مات مضى البيع لفوات الحيازة ويصير حبسا بتحبيس المشتري. قاله الخرشي.
وبطل على معصية، يعني أن الوقف على المعصية باطل، كمن وقف على شربة الخمر وأكلة الحشيشة وما أشبه ذلك، قال الباجي: لو حبس مسلم على كنيسة فالأظهر عندي رده لأنها معصية: كما لو صرفها إلى أهل السفه. انتهى. والمتبادر من الحكم ببطلان الوقف في هذه المسائل أنه مال من أموال الواقف يملكه ويرثه لا أنه يرجع مراجع الأحباس لأقرب فقراء عصبة المحبس. انتهى. قاله الخرشي. وفيه: ويدخل في الوقف على معصية وقف الكافر على الكنيسة لأن المذهب أنهم مخاطبون بفروع الشريعة، والذي في السماع: أن وقفهم على كنائسهم باطل،