للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عنه، وذلك أنه نقل عن ابن رشد الإجماع على جواز الهبة، ثم قال: وقد يُدَعَى أنه معارض لقول اللخمي: إنها مندوبة، لكن يتعين حملها على أنها مأذون فيها لا الجائز الذي استوى طرفاه لأنه قرنها بالصدقة، وباستدلاله على ذلك بالآية والأحاديث، ولما نقل كلام ابن رشد، قال: وتأمل ذلك كله مع قول البناني: نص ابن رشد واللخمي على أن الهبة مندوبة. اهـ. وقوله: قاله بعض الشيوخ، الذي قال هذا القول هو أبو علي، فإنه قال: قد رأيت أن الهبة مندوب إليها في كلام اللخمي، وفي كلام ابن رشد لا ثواب فيها في الدنيا ولا في الآخرة كما رأيته، ومن لازم المندوب أن فاعله يثاب عليه إلى آخر كلامه. قال الرهوني: من تأمل وأنصف ظهر له أنه لا تعارض بين كلامي اللخمي وابن رشد، لأن ابن رشد قال: إذا أراد بهبته وجه الله تعالى وابتغى عليه الثواب من عنده فله ذلك بفضله ورحمته، وإن أراد بهبته وجوه الناس ليحمدوه عليه ويثنوا عليه من أجلها فلا منفعة له في هبته لا ثواب في الدنيا ولا أجر في الآخرة، فأنت تراه إنما نفى الأجر فيما قصد به وجوه الناس رياء لا فيما قصد به وجه المعطَى. اهـ المراد منه. وقد أطال في ذلك. والله سبحانه أعلم.

فائدة: ورد في الحديث (داووا مرضاكم بالصدقة (١)) سئل ابن رشد عن هذا الحديث ومعناه؟

فأجاب: بأني لست أذكره في نص من المصنفات الصحيحة ولو صح فمعناه الحث على عيادة المرضى لأن ذلك من المعروف، و (كل معروف صدقة (٢)) فيحصل له السرور والدعاء، ولا شك في رجاء الإجابة له والشفاء فينفعه في الدواء. قال البرزلي: وحمله بعض شيوخنا على ظاهره وأنه إذا تصدق عنه ويطلب له الدعاء من المتصدق عليه يرجى له الشفاء، والحديث أخرجه الطبراني والبيهقي، وفي حديث (الصدقة تسد سبعين بابا من السوء (٣)). انظر الحطاب. الرهوني: الحديث ذكره في الجامع الصغير ونسبه لأبي الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب عن أبي أمامة. والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر. وزاد في رواية ابن عمر: (فإنها تذهب عنكم الأمراض والأعراض).


١ - البيهقى، ج ٣، ص: ٣٨٢. الطبراني، رقم الحديث ١٩٦٣.
٢ - البخاري، كتاب الأدب، رقم الحديث ٦٠٢١.
٣ - الجامع الصغير، رقم الحديث ٥١٤٢ والإتحاف، ج ٤ ص ٤٦٧.