بأن صاحب المقدمات أطلق عدم الضمان، ونسبه لظاهر المدونة، ونصها على نقل ابن عرفة: ما كثر ويخشى تلفه كشاة الفيفاء والطعام الذي لا يبقى لواجده أكلُه ولا شيء عليه، ولو وجده بالحاضرة وحيث الناس ففي غرمه ولو تصدق به ونفيه ولو أكله ثالثها إن أكله، الأول لظاهر قول أشهب، والثاني لظاهر قولها، والثالث لابن حبيب. انتهى. فأنت تراه فرض الخلاف في الكثير يوجد في الحاضرة والغالب أن له الثمن. قال مصطفى: وما نسبه الحطاب لابن رشد ذكره في كتاب الضحايا على سبيل الاستطراد غير معزو، فيحمل على قول أشهب. فتأمله. انتهى. وقال الرهوني: قول الزرقاني: وما يؤخذ من ظاهر المدونة من التعريف ضعيف سلمه التاودي والبناني وفيه نظر، فقد جزم أبو علي بأنه لا بد من التعريف في المدة التي لا يتغير لمثلها، وجلب أبو علي من النقول الدالة على ما قال ما فيه كفاية. والحاصل من كلام الرهوني هنا أن الطعام المذكور إذا لم يكن في محل يمكن بيعه فيه فإنه يوكل ولا ضمان كثر أو قل وإلا فكذلك على قول ملك وظاهرها، ولكن الراجح هو بيعه والتعريف بثمنه، فقول الحطاب عن ابن رشد: يباع ويوقف ثمنه هو الراجح خلافا للْمُصْطَفَى ومن تبعه ونظر في كلام المصطفى. والله تعالى أعلم.
وشاة بفيفاء، يعني أن من وجد شاة بفيفاء فذبحها فيها وأكلها فإنه لا ضمان عليه على المشهور، وقوله: بفيفاء، قال الحطاب: يعني لا عمارة فيها لكونه يخشى عليها السباع، وترك المؤلف شرطا آخر ذكره ابن الحاجب، وهو كونه يعسر حملها، وأقَرَّهُ في التوضيح، فقال ابن عبد السلام: والثاني لم يذكره في المدونة، وظاهر كلام المؤلف يعني ابن الحاجب أنه لو لم يعسر حملها للزمه حملها ولم يجز له أن يأكلها. انتهى. وقال الجلاب: من وجد شاة في الصحراء فليضمها إلى غنمه إن كان معه غنم أو إلى قرية إن كان بالقرب منها، فإن لم يجد ما يضمها إليه فلا بأس أن يأكلها. انتهى. وإذا أكلها بالفيفاء فلا ضمان عليه فيها. قاله في المدونة. وقوله: بفيفاء، احترز به مما لو وجدها في القرية أو بقرب العمران فإن عليه أن يعرفها، قال في المدونة: ومن وجد ضالة الغنم بقرب العمران عرف بها في أقرب العمران إليها ولا يأكلها، وإن كانت في فلوات الأرض والمهامه أكلها ولا يعرف بها ولا يضمن لربها شيئا. انتهى. وفي التوضيح: فلو ذبحها في الفلاة ثم أتى بلحمها أكله غنيا كان أو فقيرا. أصبغ: ويصير لحمها وجلدها مالا من