للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأنبياء، ومَن بعدهم من الخلفاء، وأُولِي الأمر من القضاة والحكام والعلماء، وفرض عليهم العدل بينهم في الحكم، وأن لا يتبعوا الهوى، ولا يشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، وفرض لهم على الناس التسليم والطاعة والانقياد، فقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. نقله الرهوني. ثانيها: أشار إليه بقوله:

ذكر، يعني أنه يشترط في تولية القاضي أن يكون ذكرا محققا، فتولية المرأة لغو لخبر: (لمن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة (١)). والخنثى كذلك، وروي عن ابن القاسم جواز تولية المرأة، واعلم أن القول بأن الفسق لا ينافي القضاء ضعيف جدًّا. والله سبحانه أعلم. ثالثها: أشار إليه بقوله.

فطن، يعني أنه يشترط في صحة تولية القاضي أن يكون فطنا أي جيد الذهن بأن يكون عنده من جودة العقل ما يرد به التحد متعددا، وما يرد به التعدد متحدا، وما يرد به الصحيح فاسدا، والفاسد صحيحا، كما إذا كان عند غيره متحد البلاهة أو البلادة ويكون عنده هو متعددا أو بالعكس: أو يكون عند غيره صحيحا وعنده هو فاسدا أو بالعكس، فلا يكتفى بالعقل التكليفي، بل لا بد أن يكون بَيِّن الفطنة بعيدا من الغفلة، وعَدَّ ابن رشد وابن شأس الفطنة من الصفات المستحبة، وفي الحطاب: والحق أن مطلق الفطنة المانع من كثرة التغفل من القسم الأول، يعني المشترطة [الموجبة (٢)] للشهرة بها غير النادرة ينبغي كونها من الصفات المستحبة، فلو قال المؤلف: ذو فطنة لكان أحسن لأن فطنا من أبنية المبالغة كحذر. والله سبحانه أعلم. وقوله: فطن، قيل: يستغني عنه بعدل، قال التتائي: وليس بظاهر لأن المراد كونه أشد تفطنا بحجاج الخصوم وخداعهم. انتهى. وفي الشبراخيتي: أن فطنا من باب النسب وليست للمبالغة، وأنه من جملة ما أخذ من مفهوم العدل، وقال ابن عبد السلام: والمراد من الفطنة بحيث لا يستزل في رأيه ولا تتمشى عليه حيَل المشهود وأكثر الخصوم. انتهى.

لطيفة: قال المشدالي في حاشية المدونة: روي أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بالبصرة عدي بن أرطاة أن اجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة فول القضاء أنفذهما، فجمع


(١) البخاري، كتاب المغازي، رقم الحديث ٤٤٢٥.
(٢) في الحطاب ج ٦ ص ٢٩٤ ط دار الرضوان والبناني ج ٧ ص ١٢٤ والفطنة الموجبة للشهرة لخ.