للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اجتماعهما، والمعروف ببلدنا قديما وحديثا مَنْعُ إمامة قاضي الجماعة بها أو الأنكحة [إمامة (١)] الجامع الأعظم بها، وسمعت بعض شيوخنا يعللون ذلك بأن القاضي مظنة لعدم طيب نفس المحكوم عليه به مع تكرر ذلك في الآحاد فيودي إلى إمامة الإمام من هو له كاره: وقد خرج الترمذي عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وإمام قومٍ وهم له كارهون (٢)) الثاني: قال في النوادر: قال ملك: أول من استقضى معاوية، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأبي بكر ولا لعثمان قاض، بل الوُلَاةُ يقضون، وأنكر قول أهل العراق: إن عمر استقضى شريحا، وقال: كيف يستقضي بالعراق دون الشام واليمن وغيره؟ فليس كما قالوا.

ولزم المتعين، يعني أن التعين للقضاء أي المنفرد بشروطه يلزمه قبول تولية القضاء إن طلب، وطلب التولية إن لم يُطلب، ولا يجوز له الهروب، ووجب على الإمام توليته. أو الخائف فتنة إن لم يتول، يعني أن الخائف فتنة بين المسلمين منه أو من غيره إن لم يتول، أو خافها على نفسه أو ولده أو ماله إن لم يتول، يلزمه أن يقبل تولية القضاء إن طلب، وأن يطلبها إن لم يطلب وإن لم ينفرد بصفات القضاء، بل ولو كان هناك من هو أفضل منه، وقوله: على نفسه، الرهوني: في كلام ابن بشير نحوه لكن جعل ذلك جائزا لا واجبا ويرد هو وما في الطرر ما قاله عبد الباقي. قال الأبهري: إن دعي إلى العمل فإن أبى وخشي ضرب ظهره أو سجنه وصبر فهو أفضل، وإن خشي على دمه فإن عمل فهو في سعة أن يتحرى العدل والإنصاف، وإن لم يمكنه لم يجز أن يتعدى الحق، إذ لا يجوز أن يبطل حق المسلمين وحرمتهم بحق نفسه.

أو ضياع الحق، يعني أن الخائف ضياع حق له أو لغيره إن لم يتول يلزمه أن يقبل تولية القضاء إن طلب بها، وأن يطلبها إن لم يطلب بها وإن لم ينفرد بصفات القضاء، وعلم مما قررت أن قوله القبول فاعل لزم والطلب عطف على القبول.


(١) في الأصل إمام والمثبت من الحطاب ج ٦ ص ٣٠٣.
(٢) الترمذي: كتاب الصلاة، رقم الحديث ٣٦٠.