للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مستشير، يعني أنه يندب في حق القاضي أن يكون مستشيرا لأهل العلم، أي معروفا بالاستشارة قبل التولية، فلا يتكرر مع قوله: أو شاوَرَهم، لأنه فيما بعد التولية كما يفيده السياق. قاله الرهوني. وإنما ندب فيه ذلك لأن ذلك مما يعينه ويوصله إلى الصواب، فلا يستقل برأيه خوف الخطإ، وقوله: مستشير، قال الخرشي: وبعبارة أي كثير الاستشارة لأنه وإن كان مجتهدا أو أمثل مقلد لا يتقيد الصواب به لإمكان أن يكون الصواب عند من هو أدنى منه.

بلا دَيْن، يعني أنه يندب أن يكون القاضي غير مدين، لأن الدين يحط، ولا يغني عن هذا قوله: غني، لأنه قد يكون غنيا وهو مدين. وحد أي وبلا حد يعني أنه يندب أن يكون القاضي غير محدود في زنى وغيره مما يوجب الحد، وظاهره سواء قضى فيما حد فيه أو في غيره، بخلاف الشاهد فإنه لا يقبل فيما حد فيه، ويقبل في غيره، وفرق بأن القضاء وصف زائد يعتبر فيه ما يسقط اعتباره في غيره، واستناد القاضي لبينة بخلاف الشاهد فبعدت التهمة، والموضوع أنه تاب مما حد فيه بالفعل، فإن ترتب عليه ولم يحد وتاب فلا بأس به. قاله عبد الباقي. قوله: وفرق بأن القضاء لخ، قال بناني: هذا الكلام كله للتتائي، وبينه مصطفى فقال: ذكر فرقين، الأول: بين كون القضاء يطلب فيه أن يكون القاضي غير محدود مطلقا، قضى فيما حد فيه أو في غيره بقوله: فإن القضاء وصف زائد، والثاني: بين كون القضاء يقبل من القاضي فيما حد فيه، ولا تقبل شهادة الشاهد في ذلك بقوله: استناد القاضي إلى بينة، وقوله: وحد، قال في التوضيح: وجوز أصبغ حكمه. فيما حد فيه، ومنعه سحنون قياسا على الشهادة. انتهى.

وزاندٍ في الدهاء، أي وبلا زائد في الدهاء، يعني أنه يندب أن يكون القاضي غير زائد في الدهاء بفتح الدال والمد كما ضبطه غير واحد كالخرشي والتتائي وعبد الباقي والشبراخيتي والحطاب، وقال: كذا ضبطه ابن قتيبة، وهمزته منقلبة عن الياء، والمراد به الفطنة والحذاقة لأن ذلك يحمله على أن يحكم بين الناس بالفراسة ويعطل أبواب الشريعة من إقامة بينة وما أشبه ذلك قاله الخرشي. وقوله: وزائد في الدهاء، أي وبلا عقل زائد في الدهاء، قال الشبراخيتي: ولو عبَّر بالمصدر كان أولى كزيد أو زيادة.